الثالث: حكى غير واحد، الشهرة على وجوب كون الاستصباح تحت السماء. و عن السرائر نفي الخلاف عن عدم جوازه تحت الظلال. و عن المبسوط أنّه روى أصحابنا أنّه يستصبح به تحت السماء دون السقف [1].
و سيأتي الكلام في حال الشهرة، لكن لو سلّم وجود شهرة جابرة للرواية أو فرضت صحّتها، كان مقتضى الجمع العقلائي بينها و بين الروايات المتضافرة التي في مقام البيان [2]، حملها على الاستحباب.
بيانه يحتاج إلى مقدّمة، و هي أنّ طهارة دخان المتنجّس التي أفتى بها الفقهاء ليست لدليل تعبّدي بل لقصور دليل نجاسة الدهن المتنجّس مثلا عن شموله للدخان و البخار، و عدم دليل على نجاستهما، و عدم جريان استصحاب النجاسة، فمقتضى الأصل الطهارة.
فلو فرض في مورد علم بعدم الاستحالة و بقاء أجزاء الدهن اللطيفة و تصاعدها مع الدخان، يحكم بكونه نجسا لفرض عدم تحقّق الاستحالة الرافعة للموضوع.
نعم، لو كانت الأجزاء صغيرة جدّا، بحيث يحتاج في دركها إلى المكبّرات، لا تكون موضوعة للنجاسة، و أمّا لو اجتمعت و صارت مقدارا محسوسا و لو قليلا
[1] راجع مفتاح الكرامة 4- 25، المحرّمات من المتاجر، و السرائر 2- 222، و المبسوط 6- 283، في كتاب الأطعمة.
[2] راجع الوسائل 12- 66، كتاب التجارة، الباب 6 من أبواب ما يكتسب به، و 16- 374، كتاب الأطعمة و الأشربة، الباب 43 من أبواب الأطعمة المحرّمة.