طريق الحس الى منازل الكتاب الالهي. [1] فإن للقرآن منازل و مراحل و ظواهر و بواطن، ادناها ما يكون في قشور الألفاظ و قبور التعينات. كما ورد:
«ان للقرآن ظهراً و بطناً و حدّاً و مطلعاً.»
71
و هذا المنزل الأدنى رزق المسجونين في ظلمات عالم الطبيعة؛ و لا يمسّ سائر مراتبه الا المطهّرون من ارجاس عالم الطبيعة و حدثه، و المتوضّؤون بماء الحياة من العيون الصافية، و المتوسّلون بأذيال اهل بيت العصمة و الطهارة، و المتصلون بالشجرة المباركة الميمونة، و المتمسكون بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها، و الحبل المتين الذي لا نقض له، حتى لا يكون تأويله او تفسيره بالرأي و من قبل نفسه؛ فإنه لا يعلم تأويله إلا اللَّه و الراسخون في العلم.
فإذا انشرح صدره للإِسلام و صار على هدى و نور من ربه، علم ان النور لم يكن محصوراً في هذه المصاديق العرفية، من الأعراض التي لا يظهر بها [13] إلا سطوح الأجسام الكثيفة، و لا تظهرها [21] إلا على العضو البصري، مع الشرائط المقررة، دون سائر المدارك، و لم يبق نفسه في آنَين [15]؛ بل يظهر له ان العلم ايضاً نور يقذفه اللَّه في قلب من يشاء من عباده 72؛ و حقيقة النور التي هي الظهور بذاتها و الاظهار لغيرها متجلية فيه بالطريق الأتمّ و السبيل الأوضح الأقوم [17]. فنور العلم متجلّ في مجالي جميع المدارك، بل في المرائي التي فوق المدارك، من النفوس الكلية الإِلهية و العقول المجردة القدسية و الملائكة المنزهة المقدسة.
و يظهر به بواطن الاشياء كظواهرها؛ و ينفذ على تخوم الأرض و سحق [20]