نام کتاب : وسائل الشيعة ط-آل البیت نویسنده : الشيخ حرّ العاملي جلد : 27 صفحه : 57
يؤل إلى ما وصفناه ؟!
وزعموا أنه محال أن يجتهدوا ، فيذهب الحقّ من جملتهم ، وقولهم بذلك فاسد ، لأنّهم إن اجتهدوا فاختلفوا فالتقصير واقع بهم.
وأعجب من هذا ، أنهم يقولون مع قولهم
بالرأي والاجتهاد : إنَّ الله تعالى بهذا المذهب لم يكلّفهم إلاّ بما
يطيقونه ، وكذلك النبي ( صلّى الله عليه وآله ) ، واحتجوا بقول الله تعالى :
(وَحَيْثُ
مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ)[٢٥] وهذا بزعمهم
وجه الاجتهاد ، وغلطوا في هذا التأويل غلطاً بيّناً.
قالوا : ومن قول الرسول ( صلّى الله
عليه وآله ) : ما قاله لمعاذ بن جبل ، وادَّعوا أنّه أجاز ذلك ، والصحيح
أنّ الله لم يكلّفهم اجتهادا ، لأنّه قد نصب لهم أدلّة ، وأقام لهم أعلاماً
، وأثبت عليهم الحجّة ، فمحال أن يضطرّهم إلى ما لا يطيقون بعد إرساله
إليهم الرسل بتفصيل الحلال والحرام ، ولم يتركهم سدى ، مهما عجزوا عنه
ردّوه إلى الرسول والأئمّة صلوات الله عليهم ، كيف وهو يقول : (مَّا فَرَّطْنَا فِي
الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ)[٢٦]
ويقول : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ
لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي)[٢٧] ويقول : ( فيه تبيان كلّ شيء ) [٢٨] ؟!
ومن الدليل على فساد قولهم في الاجتهاد
والرأي والقياس أنه لن يخلو الشيء ، أن يكون بمثله [٢٩]
على أصل ، أو يستخرج البحث عنه ، فإن كان يبحث عنه فإنه لا يجوز في عدل
الله تعالى أن يكلّف العباد ذلك ، وإن كان ممثلاً على أصل فلن يخلو الأصل ،
أن يكون حرم لمصلحة الخلق ، أو لمعنى في نفسه خاص ، ( فإن كان حرم لمعنى
في نفسه خاص ) [٣٠] فقد كان ذلك فيه حلالا ، ثمَّ حرم بعد ذلك لمعنى فيه ، بل لو كان لعلّة المعنى لم