responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ميزان الحكمة نویسنده : المحمدي الري شهري، الشيخ محمد    جلد : 3  صفحه : 2153
احتجاج من طريق الغايات، إذ لو لم يكن خلق السماء والأرض وما بينهما - وهي امور مخلوقة مؤجلة توجد وتفنى - مؤديا إلى غاية ثابتة باقية غير مؤجلة كان باطلا، والباطل بمعنى ما لا غاية له ممتنع التحقق في الأعيان. على أنه مستحيل من الحكيم، ولا ريب في حكمته تعالى. وربما اطلق الباطل واريد به اللعب، ولو كان المراد ذلك كانت الآية في معنى قوله: * (وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين ما خلقناهما إلا بالحق) * الدخان: 39. وقيل: الآية عطف على ما قبلها بحسب المعنى، كأنه قيل: ولا تتبع الهوى لأنه يكون سببا لضلالك، ولأنه تعالى لم يخلق العالم لأجل اتباع الهوى وهو الباطل، بل خلقه للتوحيد ومتابعة الشرع. وفيه: أن الآية التالية: * (أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض...) * إلخ لا تلائم هذا المعنى. وقوله تعالى: * (ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار) * أي: خلق العالم باطلا لا غاية له - وانتفاء يوم الحساب الذي يظهر فيه ما ينتجه حساب الامور، ظن الذين كفروا بالمعاد، فويل لهم من عذاب النار. قوله تعالى: * (أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار) * هذه هي الحجة الثانية على المعاد، وتقريرها: أن للإنسان كسائر الأنواع كمالا بالضرورة، وكمال الإنسان هو خروجه في جانبي العلم والعمل من القوة إلى الفعل بأن يعتقد الاعتقادات الحقة ويعمل الأعمال الصالحة اللتين يهديه إليهما فطرته الصحيحة، وهما الإيمان بالحق والعمل الصالح اللذين بهما يصلح المجتمع الإنساني الذي في الأرض. فالذين آمنوا وعملوا الصالحات - وهم المتقون - هم الكاملون من الإنسان، والمفسدون في الأرض بفساد اعتقادهم وعملهم، وهم الفجار - هم الناقصون الخاسرون في إنسانيتهم حقيقة، ومقتضى هذا الكمال والنقص أن يكون بإزاء الكمال حياة سعيدة وعيش طيب، وبإزاء خلافه خلاف ذلك. ومن المعلوم أن هذه الحياة الدنيا التي يشتركان فيها هي تحت سيطرة الأسباب والعوامل المادية، ونسبتها إلى الكامل والناقص والمؤمن والكافر على السواء، فمن أجاد العمل ووافقته الأسباب المادية فاز بطيب العيش، ومن كان على خلاف ذلك لزمه الشقاء وضنك المعيشة. فلو كانت الحياة مقصورة على هذه الحياة الدنيوية التي نسبتها إلى الفريقين على السواء، ولم تكن هناك حياة تختص بكل منهما وتناسب حاله، كان ذلك منافيا للعناية الإلهية بإيصال كل ذي حق حقه وإعطاء المقتضيات ما تقتضيه. وإن شئت فقل: تسوية [1] بين الفريقين

[1] الحجة الاولى برهانية والثانية جدلية. تفسير الميزان: 17 / 197.

نام کتاب : ميزان الحكمة نویسنده : المحمدي الري شهري، الشيخ محمد    جلد : 3  صفحه : 2153
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست