الحديث إلى الأقسام الأربعة على
رعاية حال الرّواة و صفاتهم الّتي لها مدخل مّا في قبول الرّواية و عدمه، و أنّ
مناط وصف الصحّة هو اجتماع وصفي- العدالة و الضبط في جميع رواة الحديث مع اتّصال
روايتهم له بالمعصوم؛ فيجب حينئذ مراعاة الأمور المنافية لذلك، و لا ريب أنّ
الشّذوذ بالمعني الّذي فسّره به، و هو ما روى النّاس خلافه لا منافاة فيه بوجه.
نعم
وجود الرّواية المخالفة يوجب الدّخول في باب التعارض و طلب المرجّح، و ظاهر أنّ
رواية الأكثر من جملة المرجّحات فيطرح الشّاذّ بهذا الاعتبار، و هو أمر خارج عن
الجهة الّتي قلنا: إنّها مناط وصف الصحّة، كما لا يخفى.
و أمّا
عدم منافاة العلّة فموضع تأمّل من حيث إنّ الطريق إلى استفادة الاتّصال و نحوه من
أحوال الأسانيد قد انحصر عندنا بعد انقطاع طريق- الرّواية من جهة السّماع و
القراءة في القرائن الحاليّة الدّالّة على صحّة ما في الكتب و لو بالظّنّ، و لا
شكّ أنّ فرض غلبة الظّنّ بوجود الخلل أو تساوي احتمالي وجوده و عدمه ينافي ذلك؛ و
حينئذ يقوى اعتبار انتفاء العلّة في مفهوم الصحّة، و دعوى جريان الاصطلاح على خلاف
ذلك في حيّز المنع لانّه اصطلاح جديد كما سنوضحه، و أهله محصورون معروفون.
و
التّعويل في هذه الدّعوى إمّا على ظاهر تعريف الشهيد، و ما في معناه باعتبار عدم
التعرّض للتّقييد بانتفاء العلّة، و إمّا على وصفهم الأخبار المعلّلة بالصحّة، و
كلا الوجهين لا يصلح لإثباتها، أمّا التعريف فلما عرفت من قصوره عن إفادة ما هو
أهمّ من ذلك فكيف يؤمن قصوره في هذه المادّة أيضا، و أمّا الوصف فالحال يشهد
بوقوعه حيث يتّفق عن غفلة و عدم التفات لا عن قصد و شعور بالعلّة و اعتماد لعدم
تأثيرها، و هذا بيّن لمن تدبّر.
و
بقى الكلام في حكم الاضطراب، و لا بدّ من بيان حقيقته أوّلا، و قد ذكر والدي- رحمه
اللّه- في شرح بداية الدّراية: أنّ الحديث المضطرب