قلت:
هذا الخبر محمول على المبالغة في كراهيّة ترك الوتر في كلّ ليلة، و فهم منه بعض
الأصحاب[2] إرادة
التّقديم في أوّل اللّيل كما ورد في جملة من الأخبار مقيّدا بالعذر- و ستأتي في
بابها- فحمله على الضّرورة، و فيه تكلّف ظاهر مع عدم الحاجة إليه فإنّ المبيت بغير
وتر صالح لإرادة إخلاء اللّيل من الوتر و لو مجازا فإنّ بابه واسع، و القرينة على
إرادة هذا المعنى من المقام واضحة، و لئن استبعد ذلك بالنّظر إلى ظاهر اللّفظ
فالوجه حينئذ حمله على التّقيّة كما احتمله بعض الأصحاب.
و
بإسناده، عن أحمد بن محمّد بن يحيى؛ عن محمّد بن الحسين، عن جعفر بن بشير، عن
عبيد، عن أبيه، عن أبي جعفر عليه السّلام قال: الوتر في كتاب عليّ عليه السّلام
واجب و هو وتر اللّيل، و المغرب وتر النّهار[3].
قال
الشّيخ- رحمه اللّه-: «هذا الخبر لا ينافي ما قدّمناه من أنّه يعني الوتر سنّة
لأنّ المسنون إذا كان مؤكّدا يسمّى واجبا على ما بيّنّاه في غير موضع».
و
قد أسلفنا في باب الأغسال المسنونة حكاية نحو هذا الكلام عن الشّيخ، و أشرنا إلى
تكثّر ذكره له و أنّه موافق لمقتضى وضع اللّفظ بحسب اللّغة و لكنّ العرف الآن على
خلافه، و مع قيام المعارض- كما في هذا المقام- لا مجال للحمل على المعنى المعروف.
ثمّ
إنّ في طريق الحديث مظنّة العلّة لتكرّر رواية جعفر بن بشير عن عبيد بن زرارة
بالواسطة، و سيأتي منها موضع في أخبار الأذان، و آخر في أخبار السّهو، و ظاهر كلام
الأصحاب في كتب الرّجال يبعد احتمال تلاقيهما، فإنّ عبيدا لم يذكر في أصحاب الكاظم
عليه السّلام من كتاب الرّجال
[1] التهذيب أبواب الزيادات آخر باب كيفية الصلاة و
صفتها.