ما قاله الشّهيد، حتّى انتهى
إلى هذا الموضع فذكره بصورة ما في الذّكرى اعتمادا على تحقيق الشّهيد- ره- و حسن
ظنّ به، و هو أعجب من صنع الشّهيد لكنّ المعلوم من طريقة والدي- رحمه اللّه- في
هذا الشّرح مشاركة جماعة المتأخّرين في تخفيف المراجعة و الاتّكال على حكايات
السّلف، و قد عدل عن ذلك فيما بعد حيث انكشفت له حقيقة الحال، هذا؛
مع
أنّ الفرق بين اللّفظين هنا و التّفاوت بين مفاديهما قليل عند التّأمّل، فإنّ
الجمع بين كلمة «يبني» و بين لفظ «ما بقي» باقيتين على ظاهرهما غير متصوّر، و ليس
التّجوّز في «يبني» حرصا على نفي الاحتمال بأولى من حمل «ما بقي» على إرادة ما سلم
من الحدث المبطل وقوفا مع المعهود و اقتصارا في إثبات الأحكام الشّرعيّة على ما
يتّضح إليه السّيل و ينتفي فيه الاحتمال القادح في دلالة الدّليل[1].
باب
حكم الصلاة الواقعة بالتيمم اذا زال العذر
صحى:
محمّد بن عليّ بن الحسين- رضي اللّه عنه- عن أبيه، عن عبد اللّه بن
[1] يحتمل قويا أن لفظة« أحدث» هنا- بصيغة المجهول- كما
قيل بمعنى أرعد و أبرق و نزل المطر، و يؤيده التفريع بالفاء دون الواو بقوله«
فأصاب ماء» قال ابن المنظور فى لسان العرب و الفيروز آبادى فى القاموس و غيرهما من
اللغويين:
« الاحداث: الامطار الحادثة فى
أول السنة» و استدلوا بقول الشاعر حيث يقول:
تروى من
الاحداث حتى تلاحقت
طرائقه و اهتز بالشرشر المكر
و على هذا يوافق الخبر سائر
الاخبار و لا يحتاج الى التأويلات التى ذكروها فى توجيه الخبر، أو طرحه رأسا. و
قال سلطان العلماء- رحمه اللّه-:« قد فسر البعض الحدث بالمطر و لا يخفى بعده و
منافاته لما سبق من أنه ان كان قد ركع فليمض».
و أقول: أما بعده فباعتبار
مخالفته لما هو المعهود فى الاذهان من معنى الحدث فحسب، ثم التوجيهات التى ذكرت فى
وجه الجمع أبعد و أغرب، و أما قوله بالمنافاة فيمكن رفع التنافى بحصول الظن بوجدان
الماء فى الصلاة قبل اتمام الركعة برؤية مقدمات المطر هنا.