إمّا بالتواتر من طريق الإشاعة
و الإذاعة، أو بأمارة و علامة دلّت على صحّتها، و صدق رواتها؛ فهي موجبة للعلم،
مقتضية للقطع، و إن وجدناها مودعة في الكتب بسند مخصوص معيّن من طريق الآحاد.
و
غير خاف أنّه لم يبق لنا سبيل إلى الاطّلاع على الجهات الّتي عرفوا منها ما ذكروا
حيث حظّوا بالعين و أصبح حظّنا الأثر، و فازوا بالعيان، و عوّضنا عنه بالخبر؛ فلا
جرم انسدّ عنّا باب الاعتماد على ما كانت لهم أبوابه مشرعة، و ضاقت علينا مذاهب
كانت المسالك لهم فيها متّسعة، و لو لم يكن إلّا انقطاع طريق الرّواية عنّا من غير
جهة الإجازة الّتي هي أدنى مراتبها لكفى به سببا لإباء الدّراية على طالبها.
و
أنا أرجو من كرم اللّه تعالى الإمداد بالمعونة على ما أنا بصدده في هذا الكتاب من
بذل الجهد في استدراك مافات، و صرف الوكد[1] إلى إحياء
هذا الموات، ليكون مفتاحا لباب الدّراية الأشب[2]،
و معوانا على بناء ربع الرّواية الخرب، و مثابة يتبوّؤها المستعدّون لاستنباط
الأحكام، و يلتقط منها المجتهدون درر الفوائد الموضوعة على طرف الثّمام[3]
و مفازة تنجيني من أخطار الآثام، و تلحقني بالصّالحين في درجات دار السّلام، و
اعتمدت فيه إيثار سلوك [سبيل] الإختصار مع التزام الإشارة في موضع الإشكال إلى ما
به ينحلّ، و التنبيه في محلّ التعارض على طريق الجمع حرصا على توفّر الرّغبة في
تصحيحه و ضبطه، و حذرا من تطرّق الملل إلى الاشتغال بقراءته و درسه.