[6]. رواه الصدوق- رحمه اللّه- مسندا في كتبه عن
رجال العامّة و اعتمد عليه في الترتيب و على تقدير صحته يمكن القول به عند النوم
لا مطلقا و الظاهر الترتيب المشهور.( م ت)
أقول: روى البخارى و مسلم و أبو
داود و اللفظ له بأسانيدهم عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال لابن أعبد ألا
أحدثك عنى و عن فاطمة بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و كانت من أحبّ أهله
إليه-- و كانت عندي؟ قال: بلى، قال: انها جرت بالرحى حتّى أثرت في يدها، و استقت
بالقربة حتى أثرت في نحرها، و كنست البيت حتّى اغبرت ثيابها، فأتى النبيّ صلّى
اللّه عليه و آله خدم- يعنى سبى- فقلت: لو أتيت أباك فسألته خادما، فأتته فوجدت
عنده حداثا فرجعت، فأتاها من الغد فقال: ما كان حاجتك؟ فسكتت، فقلت أنا أحدثك يا
رسول اللّه، جرت بالرحى حتّى أثرت في يدها، و حملت القربة حتّى أثرت في بحرها فلما
أن جاء الخدم أمرتها أن تأتيك فتستخدمك خادما يقيها حرّ ما هي فيه، قال: اتقى
اللّه يا فاطمة، و أدى فريضة ربك، اعملى عمل أهلك و إذا أخذت مضجعك فسبحى ثلاثا و
ثلاثين، و احمدى ثلاثا و ثلاثين، و كبرى أربعا و ثلاثين فتلك مائة، فهو خير لك من
خادم، قالت: رضيت عن اللّه و عن رسوله. زاد في رواية« و لم يخدمها».
فقف أيها القارئ الكريم و تأمل
جيدا في هذا الخبر الشريف المجمع عليه فان بضعة المصطفى( ص) و قرّة عينه الوحيدة
تطلب منه من السبى و الغنائم خادما ليعينها في مهام- منزلها و يزيل عنها شيئا من
تعبها و هو سلطان نافذ الكلمة، و راع مسيطر في وقته، بيده الأموال بل النفوس و له
القدرة بأعظم مظاهرها بحيث يقول ناعته: لم أر قبله و لا بعده مثله، مع ذلك كله
يأمر ابنته الوحيدة و فلذة كبده الفريدة بالتقوى و القيام بواجب بيتها و الإكثار
من ذكر ربها و لم يرض أن يعطيه من بيت مال المسلمين خادما و قال صلّى اللّه عليه و
عليهما: ألا أعلمكما ما هو خير لكما من الخادم. فتجيب المعصومة سلام اللّه عليها
طائعة مشعوفة مختارة:« رضيت عن اللّه»، رضيت عن رسول اللّه». فخذ هذا مثالا يلمسك
الحقيقة جدا في معرفة من حذا حذو الرسول( ص) و من مال عن طريقته و نأى بجانبه و
حاد عن سنته ممن يدعى الخلافة بعده فرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله هو الامام
المتبع فعله و الرئيس المقتفى أثره.-- هذا عليّ بن أبي طالب ترك التفضيل لنفسه و
ولده على أحد من أهل الإسلام، دخلت عليه أخته أم هانى بنت أبى طالب فدفع إليها
عشرين درهما، فسألت أم هانى مولاتها العجمية فقالت: كم دفع إليك أمير المؤمنين؟
فقالت: عشرين درهما، فانصرفت مسخطة، فقال لها:
انصرفى رحمك اللّه ما وجدنا في
كتاب اللّه فضلا لإسماعيل على إسحاق. و بعث إليه من البصرة من غوص البحر بتحفة لا
يدرى ما قيمتها فقالت ابنته أم كلثوم: أتجمّل به، و يكون في عنقى؟
فقال: يا أبا رافع أدخله الى بيت
المال، ليس الى ذلك سبيل حتّى لا يبقى امرأة من المسلمين الا و لها مثل ذلك.
و لما ولى بالمدينة قام خطيبا
فقال: يا معشر المهاجرين و الأنصار يا معشر قريش اعلموا و اللّه انى لا أرزؤكم من
فيئكم شيئا ما قام لي عذق بيثرب، أ فتروني مانعا نفسى و ولدى و معطيكم و لاسويّن
بين الأسود و الأحمر، فقام إليه عقيل فقال: لتجعلنى و أسود من سودان المدينة
واحدا، فقال له: اجلس- رحمك اللّه- أ ما كان هاهنا من يتكلّم غيرك. و اشتهر أنّه
عليه السلام يقول: و اللّه لقد رأيت عقيلا و قد أملق حتّى استماحنى من برّكم صاعا
و رأيت صبيانه شعث الشعور غبر الالوان من فقرهم كانما سوّدت وجوههم بالعظلم و
عاودنى مؤكّدا و كرّر على القول مردّدا، فأصغيت إليه سمعى فظنّ أنى أبيعه دينى و
أتبع قياده مفارقا طريقتى فأحميت له حديدة ثمّ ادنيتها من جسمه ليعتبر بها فضج
ضجيج ذى دنف من ألمها- الى آخر ما قال صلّى اللّه عليه.
و هذا ابن عفان أعطى سعد بن أبي
سرح أخاه من الرضاعة جميع ما أفاء اللّه عليه من فتح افريقية بالمغرب و هي طرابلس
الغرب الى طنجة من غير أن يشركه فيه أحدا من المسلمين، و أعطى أبا سفيان بن حرب
مائتي ألف من بيت المال في اليوم الذي أمر فيه لمروان بن الحكم بمائة ألف، و أتاه
أبو موسى بأموال من العراق جليلة فقسمها كلها في بني أميّة- ذلك كله في-- شرح ابن
أبي الحديد ج 1 ص 67- و سعد بن أبي سرح هذا هو الذي أباح رسول اللّه دمه يوم الفتح
كما في سنن أبي داود و أنساب البلاذري، و في بعض المصادر عبد اللّه بن أبي سرح. و
بالجملة هاتان السيرتان مقياسان لمن يروم معرفة المحق و المبطل ممن كان بيده بيت
المال.
نام کتاب : من لا يحضره الفقيه نویسنده : الشيخ الصدوق جلد : 1 صفحه : 321