نام کتاب : مستدرك الوسائل نویسنده : المحدّث النوري جلد : 6 صفحه : 156
الله المدبرين عنه ، وعبده حتى أتاه اليقين ، ( صلى الله عليه وآله )
أوصيكم عباد الله بتقوى الله ، الذي لا تبرح منه نعمة ، ولا تفقد له
رحمة ، ولا يستغني عنه العباد ، ولا تجزئ أنعمه الأعمال ، الذي رغّب
في الآخرة ، وزهّد في الدنيا ، وحذّر عن المعاصي ، وتعزّز بالبقاء ،
وتفرّد بالعز والبهاء ( وذلّل خلقه بالموت والفناء ) [٥] ، وجعل الموت
غاية المخلوقين ، وسبيل الماضين ، فهو معقود بنواصي الخلاق كلهم ،
حتم في رقابهم ، لا يعجزه إباق الهارب ، ولا يفوته ناء ولا آئب ، يهدم
كل لذة ، ويزيل كل بهجة ، ويقشع كل نعمة ، عباد الله إن الدنيا دار
رضي الله لأهلها الفناء ، وفدر عليهم منها الجلاء ، وكل ما فيها نافد ،
وكل من يسكنها بائد ، وهي مع ذلك حلوة خضرة رائقة نضرة ، قد
زينت للطالب ، ولاطت بقلب [٦] الراغب ، يطبِّبها [٧] الطامع ،
ويجتويها الوجل الخائف ، فارتحلوا رحمكم الله منها بأحسن ما بحضرتكم
من الزاد ، ولا تطلبوا منها سوى البلغة ، وكونوا فيها كسفر نزلوا منزلاً
فتمتعوا منها بأدنى ظل ، ثم ارتحلوا لشأنهم ، ولا تمدوا أعينكم فيها إلى
ما متع به المترفون ، وأضروا فيها بأنفسكم فإن ذلك أخف للحساب
وأقرب من النجاة ، وإياكم والتنعم بزخارفها ، والتلهي بفاكهاتها ، فإن
في ذلك غفلة واغتراراً ، ألا وإن الدنيا قد تنكرت وأدبرت وآذنت
بوداع ، ألا وإن الآخرة قد أقبلت وأشرفت ونادت باطلاع ، ألا وإن
المضمار اليوم وغداً السباق ، ألا وإن السبقة الجنة ، والغاية النار ، أفلا