وَ ارْتِفَاعِي لَا يُؤْثِرُ عَبْدٌ هَوَايَ عَلَى هَوَاهُ إِلَّا جَعَلْتُ غِنَاهُ فِي نَفْسِهِ وَ هَمَّهُ فِي إِخْوَتِهِ وَ كَفَفْتُ عَنْهُ ضَيْعَتَهُ وَ ضَمَّنْتُ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ رِزْقَهُ وَ كُنْتُ لَهُ مِنْ وَرَاءِ تِجَارَةِ كُلِّ تَاجِرٍ.
وَ رُوِيَ أَنَّهُ قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ ص يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِي شَيْئاً إِذَا أَنَا فَعَلْتُهُ أَحَبَّنِيَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ وَ أَحَبَّنِيَ النَّاسُ مِنَ الْأَرْضِ فَقَالَ لَهُ ارْغَبْ فِيمَا عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ يُحِبَّكَ اللَّهُ وَ ازْهَدْ فِيمَا عِنْدَ النَّاسِ يُحِبَّكَ النَّاسُ.
قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع الزُّهْدُ عَشَرَةُ أَجْزَاءٍ فَأَعْلَى دَرَجَاتِ الزُّهْدِ أَدْنَى دَرَجَاتِ الْوَرَعِ وَ أَعْلَى دَرَجَاتِ الْوَرَعِ أَدْنَى دَرَجَاتِ الْيَقِينِ وَ أَعْلَى دَرَجَاتِ الْيَقِينِ أَدْنَى دَرَجَاتِ الرِّضَا وَ إِنَّ الزُّهْدَ فِي آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ.
قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع لِأَهْلِ التَّقْوَى عَلَامَاتٌ يُعْرَفُونَ بِهَا صِدْقُ الْحَدِيثِ وَ أَدَاءُ الْأَمَانَةِ وَ الْوَفَاءُ بِالْعَهْدِ وَ قِلَّةُ الْفَخْرِ وَ الْبُخْلِ وَ صِلَةُ الْأَرْحَامِ وَ رَحْمَةُ الضُّعَفَاءِ وَ قِلَّةُ الْمُؤَاتَاةِ لِلنِّسَاءِ وَ بَذْلُ الْمَعْرُوفِ وَ حُسْنُ الْخُلُقِ وَ سَعَةُ الْحِلْمِ وَ اتِّبَاعُ الْعِلْمِ فِيمَا يُقَرِّبُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى طُوبى لَهُمْ وَ حُسْنُ مَآبٍ وَ طُوبَى شَجَرَةٌ فِي الْجَنَّةِ أَصْلُهَا فِي دَارِ رَسُولِ اللَّهِ ص فَلَيْسَ مُؤْمِنٌ إِلَّا وَ فِي دَارِهِ غُصْنٌ مِنْ أَغْصَانِهَا لَا يَنْوِي فِي قَلْبِهِ شَيْئاً إِلَّا أَتَاهُ ذَلِكَ الْغُصْنُ بِهِ وَ لَوْ أَنَّ رَاكِباً مُجِدّاً سَارَ فِي ظِلِّهَا مِائَةَ عَامٍ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهَا وَ لَوْ أَنَّ غُرَاباً طَارَ مِنْ أَصْلِهَا مَا بَلَغَ أَعْلَاهَا حَتَّى يَبْيَضَّ هَرَماً أَلَا فَفِي هَذَا فَارْغَبُوا إِنَّ الْمُؤْمِنَ مِنْ نَفْسِهِ فِي شُغُلٍ وَ النَّاسَ مِنْهُ فِي رَاحَةٍ إِذَا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ فَرَشَ وَجْهَهُ وَ سَجَدَ لِلَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ بِمَكَارِمِ بَدَنِهِ وَ يُنَاجِي الَّذِي خَلَقَهُ فِي فَكَاكِ رَقَبَتِهِ أَلَا فَهَكَذَا كُونُوا.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص أَعْبَدُ النَّاسِ مَنْ أَقَامَ الْفَرَائِضَ وَ أَزْهَدُ النَّاسِ مَنِ اجْتَنَبَ الْحَرَامَ وَ أَتْقَى النَّاسِ مَنْ قَالَ الْحَقَّ فِيمَا لَهُ وَ عَلَيْهِ وَ أَوْرَعُ النَّاسِ مَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَ إِنْ كَانَ مُحِقّاً وَ أَشَدُّ النَّاسِ اجْتِهَاداً مَنْ تَرَكَ الذُّنُوبَ وَ أَكْرَمُ النَّاسِ أَتْقَاهُمْ وَ أَعْظَمُ النَّاسِ قَدْراً مَنْ تَرَكَ مَا لَا يَعْنِيهِ وَ أَسْعَدُ النَّاسِ مَنْ خَالَطَ كِرَامَ النَّاسِ.
قَالَ الصَّادِقُ ع إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَوْحَى إِلَى نَبِيٍّ مِنْ أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنْ أَحْبَبْتَ أَنْ تَلْقَانِي فِي حَظِيرَةِ الْقُدْسِ فَكُنْ فِي الدُّنْيَا وَحِيداً غَرِيباً مَهْمُوماً مَحْزُوناً مُسْتَوْحِشاً مِنَ النَّاسِ بِمَنْزِلَةِ الطَّيْرِ الْوَاحِدِ الَّذِي يَطِيرُ فِي أَرْضِ الْقِفَارِ وَ يَأْكُلُ مِنْ رُءُوسِ الْأَشْجَارِ وَ يَشْرَبُ مِنْ مَاءِ الْعُيُونِ فَإِذَا كَانَ اللَّيْلُ أَوَى وَحْدَهُ وَ لَمْ يَأْوِ مَعَ الطُّيُورِ اسْتَأْنَسَ