انْطَلِقَا بِهَا إِلَى أَبِي ذَرٍّ فَقُوَلا لَهُ عُثْمَانُ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ وَ هُوَ يَقُولُ لَكَ هَذِهِ مائتي [مِائَتَا] دِينَارٍ فَاسْتَعِنْ بِهَا عَلَى مَا نَابَكَ فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ فَهَلْ أَعْطَى أَحَداً مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِثْلَ مَا أَعْطَانِي فَقَالا لَا قَالَ فَأَنَا رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَسَعُنِي مَا يَسَعُ الْمُسْلِمِينَ فَقَالا لَهُ إِنَّهُ يَقُولُ هَذَا مِنْ صُلْبِ مَالِي وَ بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ مَا أُخَالِطُهَا حَرَاماً وَ لَا بَعَثْتُ بِهَا إِلَيْكَ إِلَّا مِنْ حَلَالٍ فَقَالَ لَا حَاجَةَ لِي فِيهَا وَ قَدْ أَصْبَحْتُ يَوْمِي هَذَا وَ أَنَا مِنْ أَغْنَى النَّاسِ فَقَالا لَهُ عَافَاكَ اللَّهُ وَ أَصْلَحَكَ مَا نَرَى فِي بَيْتِكَ قَلِيلًا وَ لَا كَثِيراً مِمَّا تَسْتَمْتِعُ بِهِ فَقَالَ بَلَى تَحْتَ هَذَا الْإِكَافِ الَّذِي تَرَوْنَ رَغِيفَا شَعِيرٍ قَدْ أَتَى عَلَيْهِمَا أَيَّامٌ فَمَا أَصْنَعُ بِهَذِهِ الدَّنَانِيرِ لَا وَ اللَّهِ حَتَّى يَعْلَمَ اللَّهُ وَ أَنِّي لَا أَقْدِرُ عَلَى قَلِيلٍ وَ لَا كَثِيرٍ وَ لَقَدْ أَصْبَحْتُ غَنِيّاً بِوَلَايَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَ عِتْرَتِهِ الْهَادِينَ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاضِينَ الْمَرْضِيِّينَ الَّذِينَ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ فَكَذَلِكَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص يَقُولُ إِنَّهُ لَقَبِيحٌ بِالشَّيْخِ أَنْ يَكُونَ كَذَّاباً فَرُدَّاهَا عَلَيْهِ وَ أَعْلِمَاهُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِي فِيهَا وَ لَا فِيمَا عِنْدَهُ حَتَّى أَلْقَى اللَّهَ رَبِّي فَيَكُونَ هُوَ الْحَاكِمَ فِيمَا بَيْنَهُ وَ بَيْنِي.
قَالَ أَبُو الْحَسَنِ ع قَالَ أَبُو ذَرٍّ رض مَنْ جَزَاهُ اللَّهُ عَنْهُ الدُّنْيَا خَيْراً فَجَزَاهُ اللَّهُ عَنِّي مَذَمَّةً بَعْدَ رَغِيفَيْ شَعِيرٍ أَتَغَذَّى بِأَحَدِهِمَا وَ أَتَعَشَّى بِالْآخَرِ وَ بَعْدَ شَمْلَتَيْ صُوفٍ أَتَّزِرُ بِإِحْدَيهُمَا وَ أَرْتَدِي بِالْأُخْرَى قَالَ قَالَ إِنَّ أَبَا ذَرٍّ بَكَى مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ حَتَّى اشْتَكَى عَيْنَهُ فَخَافُوا عَلَيْهِمَا فَقِيلَ يَا أَبَا ذَرٍّ لَوْ دَعَوْتَ اللَّهَ فِي عَيْنَيْكَ فَقَالَ إِنِّي عَنْهُمَا لَمَشْغُولٌ وَ مَا عَنَانِي أَكْبَرُ فَقِيلَ مَا شَغَلَكَ عَنْهُمَا قَالَ الْعَظِيمَتَانِ الْجَنَّةُ وَ النَّارُ.
وَ قِيلَ عِنْدَ الْمَوْتِ يَا أَبَا ذَرٍّ مَا مَالُكَ قَالَ عَمَلِي قَالُوا إِنَّمَا نَسْأَلُكَ عَنِ الذَّهَبِ وَ الْفِضَّةِ قَالَ مَا أُصْبِحُ فَلَا أُمْسِي وَ مَا أُمْسِي فَلَا أُصْبِحُ لَنَا كُنْدُوجٌ فِيهِ حُرُّ مَتَاعِنَا سَمِعْتُ خَلِيلِي رَسُولَ اللَّهِ ص يَقُولُ كُنْدُوجُ الْمَرْءِ قَبْرُهُ.
وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى زُهْدِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ فَلْيَنْظُرْ إِلَى زُهْدِ أَبِي ذَرٍّ.
قِيلَ لِأَبِي جَعْفَرٍ ع مَا تَقُولُ فِي عَمَّارٍ قَالَ رَحِمَ اللَّهُ عَمَّاراً ثَلَاثاً قَاتَلَ مَعَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع وَ قُتِلَ شَهِيداً قَالَ الرَّاوِي فَقُلْتُ فِي نَفْسِي مَا تَكُونُ مَنْزِلَةٌ أَعْظَمَ مِنْ هَذِهِ الْمَنْزِلَةِ فَالْتَفَتَ إِلَيَّ وَ قَالَ لَعَلَّكَ تَقُولُ مِثْلَ الثَّلَاثَةِ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ قَالَ قُلْتُ وَ مَا عِلْمُهُ أَنَّهُ يُقْتَلُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ قَالَ إِنَّهُ لَمَّا رَأَى الْحَرْبَ لَا تَزْدَادُ إِلَّا الشِّدَّةَ وَ الْقَتْلُ لَا يَزْدَادُ إِلَّا الْكَثْرَةَ تَرَكَ الصَّفَّ وَ جَاءَ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هُوَ هُوَ قَالَ ارْجِعْ إِلَى صَفِّكَ فَقَالَ