أ ما تستحي يا أسير الهوى
من الله ذي العرش رب السما
ألا لا تطربي و مت صاغرا
يميني و ذيلك يوم القضاء.
مجلس في ذكر إمامة أبي جعفر محمد بن علي و مناقبه ع
و الإمام بعد أبي الحسن علي بن موسى الرضا ع ابنه أبو جعفر محمد بن علي ع لنص أبيه عليه و إشارته إليه و اعتبار الأدلة التي مضت.
وَ كَانَ أَبُو جَعْفَرٍ مَنْعُوتاً بِالْمُرْتَضَى وَ بِالْمُنْتَجَبِ قَالَ أَبُو يَحْيَى الصَّنْعَانِيُّ كُنْتُ عِنْدَ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا فَجِيءَ بِابْنِهِ أَبِي جَعْفَرٍ ع وَ هُوَ صَغِيرٌ فَقَالَ هَذَا الْمَوْلُودُ الَّذِي لَمْ يُولَدْ مَوْلُودٌ أَعْظَمُ عَلَى شِيعَتِنَا بَرَكَةً مِنْهُ.
وَ رُوِيَ أَنَّ قَائِلًا يَقُولُ لِأَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا ع يَا سَيِّدِي إِنْ كَانَ كَوْنٌ فَإِلَى مَنْ قَالَ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ ابْنِي فَكَأَنَّ الْقَائِلَ اسْتَصْغَرَ سِنَّ أَبِي جَعْفَرٍ فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ ع إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى بَعَثَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ ع رَسُولًا نَبِيّاً صَاحِبَ شَرِيعَةٍ مُبْتَدَأَةٍ فِي أَصْغَرَ مِنَ السِّنِّ الَّذِي فِيهِ أَبُو جَعْفَرٍ.
قَالَ صَفْوَانُ بْنُ يَحْيَى قُلْتُ لِأَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا قَدْ كُنَّا نَسْأَلُكَ قَبْلَ أَنْ يَهَبَ اللَّهُ لَكَ أَبَا جَعْفَرٍ فَكُنْتَ تَقُولُ يَهَبُ اللَّهُ لِي غُلَاماً فَقَدْ وَهَبَ اللَّهُ لَكَ وَ أَقَرَّ عُيُونُنَا فَلَا أَرَانِي اللَّهُ يَوْمَكَ فَإِنْ كَانَ كَوْنٌ فَإِلَى مَنْ فَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ وَ هُوَ قَائِمٌ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ هَذَا ابْنُ ثَلَاثِ سِنِينَ قَالَ وَ مَا يَضُرُّهُ مِنْ ذَلِكَ قَدْ قَامَ عِيسَى بِالْحُجَّةِ وَ هُوَ ابْنُ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثِ سِنِينَ.
قَالَ يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ الزَّيَّاتُ أَخْبَرَنِي مَنْ كَانَ عِنْدَ أَبِي الْحَسَنِ جَالِساً فَلَمَّا نَهَضَ الْقَوْمُ قَالَ لَهُ أَبُو الْحَسَنِ الرِّضَا ع الْقَوْا أَبَا جَعْفَرٍ فَسَلِّمُوا عَلَيْهِ وَ جَدِّدُوا بِهِ عَهْداً فَلَمَّا نَهَضَ الْقَوْمُ الْتَفَتَ إِلَيَّ فَقَالَ يَرْحَمُ اللَّهُ الْمُفَضَّلَ إِنَّهُ كَانَ لَيَقْنَعُ بِدُونِ هَذَا.
وَ رُوِيَ أَنَّ الْمَأْمُونَ قَدْ شُغِفَ بِأَبِي جَعْفَرٍ ع لَمَّا رَأَى مِنْ فَضْلِهِ مَعَ صِغَرِ سِنِّهِ وَ بُلُوغِهِ فِي الْعِلْمِ وَ الْحِكْمَةِ وَ الْأَدَبِ وَ كَمَالِ الْعَقْلِ مَا لَمْ يُسَاوِهِ فِيهِ أَحَدٌ مِنْ مَشَايِخِ أَهْلِ الزَّمَانِ فَزَوَّجَهُ بِابْنَتِهِ أُمِّ الْفَضْلِ وَ حَمَلَهَا مَعَهُ إِلَى الْمَدِينَةِ وَ كَانَ مُتَوِّفراً عَلَى إِكْرَامِهِ وَ تَعْظِيمِهِ