وَ كَبَّرَ وَ كَبَّرَ مَوَالِيهِ مَعَهُ ثُمَّ مَشَى حَتَّى وَقَفَ عَلَى الْبَابِ فَلَمَّا رَآهُ الْقُوَّادُ وَ الْجُنْدُ عَلَى تِلْكَ الصُّورَةِ سَقَطُوا كُلُّهُمْ إِلَى الْأَرْضِ وَ كَانَ أَحْسَنُهُمْ حَالًا مَنْ كَانَ مَعَهُ سِكِّينٌ قَطَعَ بِهَا شَرَّابَةَ جَاجِيلَتِهِ وَ نَزَعَهَا وَ تَحَفَّى وَ كَبَّرَ الرِّضَا ع عَلَى الْبَابِ وَ كَبَّرَ النَّاسُ مَعَهُ فَخُيِّلَ إِلَيْنَا أَنَّ السَّمَاءَ وَ الْحِيطَانَ تُجَاوِبُهُ وَ تَزَعْزَعَتْ مَرْوُ بِالْبُكَاءِ وَ الضَّجِيجِ لَمَّا رَأَوْا أَبَا الْحَسَنِ ع وَ سَمِعُوا تَكْبِيرَهُ وَ بَلَغَ الْمَأْمُونَ ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ الْفَضْلُ بْنُ سَهْلٍ ذُو الرِّئَاسَتَيْنِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنْ بَلَغَ الرِّضَا ع الْمُصَلَّى عَلَى هَذَا السَّبِيلِ افْتَتَنَ بِهِ النَّاسُ وَ خِفْنَا كُلُّنَا عَلَى دِمَائِنَا فَأَنْفِذْ إِلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ فَبَعَثَ إِلَيْهِ الْمَأْمُونُ قَدْ كَلَّفْنَاكَ شَطَطاً وَ أَتْعَبْنَاكَ وَ لَسْنَا نُحِبُّ أَنْ يَلْحَقَكَ أَذًى فَارْجِعْ وَ لِيُصَلِّيَ بِالنَّاسِ مَنْ كَانَ يُصَلِّي بِهِمْ عَلَى رَسْمِهِ فَدَعَا أَبُو الْحَسَنِ ع بِخُفِّهِ فَلَبِسَهُ وَ رَكِبَ وَ رَجَعَ وَ اخْتَلَفَ أَمْرُ النَّاسِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَ لَمْ يَنْتَظِمْ فِي صَلَاتِهِ.
قَالَ يَاسِرٌ لَمَّا عَزَمَ الْمَأْمُونُ عَلَى الْخُرُوجِ مِنْ خُرَاسَانَ إِلَى بَغْدَادَ خَرَجَ وَ خَرَجَ مَعَهُ الْفَضْلُ بْنُ سَهْلٍ ذُو الرِّئَاسَتَيْنِ وَ خَرَجْنَا مَعَ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا ع فَوَرَدَ عَلَى الْفَضْلِ بْنِ سَهْلٍ كِتَابٌ مِنْ أَخِيهِ الْحَسَنِ بْنِ سَهْلٍ وَ نَحْنُ فِي بَعْضِ الْمَنَازِلِ إِنِّي نَظَرْتُ فِي تَحْوِيلِ هَذِهِ السَّنَةِ فِي حِسَابِ النُّجُومِ فَوَجَدْتُ فِيهِ أَنَّكَ تَذُوقُ فِي شَهْرِ كَذَا وَ كَذَا مِنْ يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ حَرَّ الْحَدِيدِ وَ حَرَّ النَّارِ وَ أَرَى أَنْ تَدْخُلَ أَنْتَ وَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَ الرِّضَا الْحَمَّامَ فِي هَذَا الْيَوْمِ وَ تَحْتَجِمَ فِيهِ وَ تَصُبَّ عَلَى بَدَنِكَ الدَّمَ لِيَزُولَ عَنْكَ نَحْسُهُ فَكَتَبَ ذُو الرِّئَاسَتَيْنِ إِلَى الْمَأْمُونِ بِذَلِكَ فَسَأَلَهُ أَنْ يَسْأَلَ أَبَا الْحَسَنِ ع ذَلِكَ فَكَتَبَ الْمَأْمُونُ إِلَى أَبِي الْحَسَنِ ع يَسْأَلُهُ فِيهِ فَأَجَابَهُ أَبُو الْحَسَنِ لَسْتُ بِدَاخِلٍ الْحَمَّامَ غَداً فَأَعَادَ عَلَيْهِ الرُّقْعَةَ مَرَّتَيْنِ فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَبُو الْحَسَنِ ع لَسْتُ بِدَاخِلٍ غَداً الْحَمَّامَ فَإِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ فَقَالَ لِي يَا عَلِيُّ لَا تَدْخُلِ الْحَمَّامَ غَداً فَلَا أَرَى لَكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَ لَا لِلْفَضْلِ أَنْ تَدْخُلَا الْحَمَّامَ غَداً فَكَتَبَ إِلَيْهِ الْمَأْمُونُ صَدَقْتَ يَا أَبَا الْحَسَنِ وَ صَدَقَ رَسُولُ اللَّهِ ص لَسْتُ بِدَاخِلٍ الْحَمَّامَ وَ الْفَضْلُ أَعْلَمُ. قَالَ فَقَالَ يَاسِرٌ فَلَمَّا أَمْسَيْنَا وَ غَابَتِ الشَّمْسُ قَالَ لَنَا الرِّضَا ع قُولُوا نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ مَا يَنْزِلُ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ فَلَمْ يَزَلْ يَقُولُ ذَلِكَ حَتَّى صَلَّى الرِّضَا ع الصُّبْحَ ثُمَّ قَالَ لِيَ اصْعَدِ السَّطْحَ فَاسْتَمِعْ هَلْ تَجِدُ شَيْئاً فَلَمَّا صَعِدْتُ سَمِعْتُ الضَّجَّةَ وَ كَثُرَتْ وَ زَادَتْ فَلَمْ نَشْعُرْ بِشَيْءٍ فَإِذَا نَحْنُ بِالْمَأْمُونِ قَدْ دَخَلَ مِنَ الْبَابِ الَّذِي كَانَ مِنْ دَارِهِ إِلَى دَارِ أَبِي الْحَسَنِ ع وَ هُوَ يَقُولُ يَا سَيِّدِي يَا أَبَا الْحَسَنِ آجَرَكَ اللَّهُ فِي الْفَضْلِ فَإِنَّهُ دَخَلَ الْحَمَّامَ وَ دَخَلَ عَلَيْهِ قَوْمٌ بِالسُّيُوفِ فَقَتَلُوهُ وَ أُخِذَ مِمَّنْ دَخَلَ عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ أَحَدُهُمْ ابْنُ خَالِهِ