فَلَمَّا قَرَأَهُ قَالَ الْآنَ حِينَ إِذَا عَلِقَتْ مَخَالِبُنَا بِهِ يَرْجُو النَّجَاةَ وَ لاتَ حِينَ مَناصٍ وَ كَتَبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ. أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ بَلَغَنِي كِتَابُكَ وَ فَهِمْتُ مَا ذَكَرْتَ فَاعْرِضْ عَلَى الْحُسَيْنِ أَنْ يُبَايِعَ لِيَزِيدَ هُوَ وَ جَمِيعُ أَصْحَابِهِ فَإِذَا هُوَ فَعَلَ رَأَيْنَا رَأْيَنَا وَ السَّلَامُ فَلَمَّا وَرَدَ الْجَوَابُ قَالَ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ قَدْ خَشِيتُ أَنْ لَا يَقْبَلَ ابْنُ زِيَادٍ الْعَافِيَةَ ثُمَّ وَرَدَ كِتَابُ ابْنِ زِيَادٍ فِي الْأَثَرِ إِلَى عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ أَنْ حُلْ بَيْنَ الْحُسَيْنِ وَ أَصْحَابِهِ وَ الْمَاءِ فَلَا يَذُوقُوا مِنْهُ قَطْرَةً كَمَا صُنِعَ بِالتَّقِيِّ الزَّكِيِّ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فَبَعَثَ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ فِي الْوَقْتِ عَمْرَو بْنِ الْحَجَّاجِ فِي خَمْسِمِائَةِ فَارِسٍ فَنَزَلُوا الشَّرِيعَةَ وَ حَالُوا بَيْنَ الْحُسَيْنِ وَ أَصْحَابِهِ وَ بَيْنَ الْمَاءِ أَنْ يُسْقَوْا مِنْهُ قَطْرَةً وَ ذَلِكَ قَبْلَ قَتْلِ الْحُسَيْنِ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَ نَادَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حُصَيْنٍ الْأَزْدِيُّ وَ كَانَ عِدَادُهُ فِي بَجِيلَةَ فَقَالَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ أَلَا تَنْظُرُوا إِلَى الْمَاءِ كَأَنَّهُ كِبْدُ السَّمَاءِ وَ اللَّهِ لَا تَذُوقُونَ مِنْهُ قَطْرَةً حَتَّى تَمُوتُوا عَطَشاً فَقَالَ الْحُسَيْنُ ع اللَّهُمَّ اقْتُلْهُ عَطَشاً وَ لَا تَغْفِرْ لَهُ أَبَداً. قَالَ حُمَيْدُ بْنُ مُسْلِمٍ وَ اللَّهِ لَعُدْتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي مَرَضِهِ فَوَ اللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَقَدْ رَأَيْتُهُ يَشْرَبُ الْمَاءَ حَتَّى يَبْغَرَهُ وَ يَبْغِي وَ يَصِيحُ الْعَطَشَ الْعَطَشَ ثُمَّ يَعُودُ فَيَشْرَبُ الْمَاءَ حَتَّى يَبْغَرَهُ ثُمَّ يَبْغِيهِ وَ يَتَلَظَّى عَطَشاً فَمَا زَالَ ذَلِكَ دَأْبَهُ حَتَّى لَفَظَ نَفْسَهُ وَ لَمَّا رَأَى الْحُسَيْنُ ع نُزُولَ الْعَسَاكِرِ مَعَ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ بِنَيْنَوَى وَ مَدَدَهُمْ لِقِتَالِهِ أَنْفَذَ إِلَى عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ أَنِّي أُرِيدُ أَنْ أَلْقَاكَ فَاجْتَمَعَا لَيْلًا فَتَنَاجَيَا طَوِيلًا ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مَكَانِهِ وَ كَتَبَ إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ. أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ أَطْفَأَ اللَّهُ النَّائِرَةَ وَ جَمَعَ الْكَلِمَةَ وَ أَصْلَحَ أَمْرَ الْأُمَّةِ وَ هَذَا حُسَيْنٌ قَدْ أَعْطَانِي أَنَّهُ يَرْجِعُ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي مِنْهُ أَتَى أَوْ أَنْ يَسِيرَ إِلَى ثَغْرٍ مِنْ ثُغُورِ الْمُسْلِمِينَ فَيَكُونُ رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَهُ مَا لَهُمْ وَ عَلَيْهِ مَا عَلَيْهِمْ أَوْ أَنْ يَأْتِيَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَزِيدَ وَ يَضَعَ يَدَهُ فِي يَدِهِ فَيَرَى فِيمَا بَيْنَهُ وَ بَيْنَهُ رَأْيَهُ وَ فِي هَذَا رِضَا اللَّهِ تَعَالَى وَ لِلْأُمَّةِ صَلَاحٌ فَلَمَّا قَرَأَ عُبَيْدُ اللَّهِ الْكِتَابَ قَالَ هَذَا كِتَابُ نَاصِحٍ مُشْفِقٍ عَلَى قَوْمِهِ وَ كَتَبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ كِتَاباً مَعَ شِمْرِ بْنِ ذِي الْجَوْشَنِ فَلْيَعْرِضْ عَلَى الْحُسَيْنِ وَ أَصْحَابِهِ النُّزُولَ عَلَى حُكْمِي فَإِنْ فَعَلُوا فَلْيَبْعَثْ بِهِمْ إِلَيَّ سِلْماً وَ إِنْ أَبَوْا فَلْيُقَاتِلْهُمْ فَإِنْ فَعَلَ عُمَرُ فَاسْمَعْ لَهُ وَ أَطِعْ وَ إِنْ أَبَى أَنْ يُقَاتِلَهُمْ فَأَنْتَ أَمِيرُ الْجَيْشِ فَاضْرِبْ عُنُقَهُ وَ ابْعَثْ إِلَيَّ بِرَأْسِهِ وَ كَانَ فِي الْكِتَابِ إِنِّي لَمْ أَبْعَثْكَ إِلَى الْحُسَيْنِ لِتَكُفَّ عَنْهُ وَ لَا لِتُطَاوِلَهُ وَ لَا لِتُمَنِّيَهُ السَّلَامَةَ وَ الْبَقَاءَ وَ لَا لِتُعْذِرَ لَهُ عِنْدِي وَ لَا لِتَكُونَ لَهُ شَافِعاً