نام کتاب : بحار الأنوار - ط مؤسسةالوفاء نویسنده : العلامة المجلسي جلد : 5 صفحه : 174
ورابعها أن المراد من يرد الله اختباره بما يبتليه من القيام بحدوده فيدع ذلك ويحرفه. والاصح الاول. «فلن تملك له من الله شيئا» أي فلن تستطيع أن تدفع لاجله من أمر الله الذي هو العذاب أو الفضيحة أو الهلاك شيئا «أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم» معناه : اولئك اليهود لم يرد الله أن يطهر من عقوبات الكفر التي هي الختم والطبع والضيق قلوبهم ، كما طهر قلوب المؤمنين منها ، بأن كتب في قلوبهم الايمان ، وشرح صدروهم للاسلام. وقيل : معناه : لم يرد أن يطهرها من الكفر بالحكم عليها بأنها بريئة منه ، ممدوحة بالايمان.
قال القاضي : وهذا لا يدل على أنه سبحانه لم يرد منهم الايمان لان ذلك لا يعقل من تطهير القلب إلا على جهة التوسع ، ولان قوله : «لم يرد الله أن يطهرقلوبهم» يقتضي نفي كونه مريدا ، وليس فيه بيان الوجه الذي لم يرد ذلك عليه ، و المراد بذلك أنه لم يرد تطهير قلوبهم مما يلحقها من الغموم بالذم والاستخفاف والعقاب ولذا قال عقيبه : «لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم» ولو كان أراد ما قاله المجبرة لم يجعل ذلك ذما لهم ولا عقبه بالذم ، ولا جعله في حكم الجزاء على ما لاجله عاقبهم وأراد ذلك فيهم.
أقول : روى النعماني في تفسيره فيما رواه عن أميرالمؤمنين صلوات الله عليه أنهم سألوه عن المتشابه في تفسير الفتنة فقال : منه فتنة الاختبار وهو قوله تعالى : «الم أحسبالناس أن يتكروا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون» [١] وقوله لموسى : «وفتناك فتونا». [٢] ومنه فتنة الكفر وهو قوله تعالى : «لقد ابتغوا الفتنة من قبل وقلبوا لك الامورحتى جاء الحق وظهر أمر الله» [٣] وقوله سبحانه في الذين استأذنوا رسول الله 9 في غزوة تبوك أن يتخلفوا عنه من المنافقين فقال الله تعالى فيهم : «ومنهم من يقول ائذن لي ولاتفتني ألا في الفتنة سقطو» [٤] يعني ائذن لي ولا تكفرني ، فقال عزوجل : «ألا في الفتنةسقطوا وإن جهنم لمحيطة بالكافرين». [٥]