نام کتاب : بحار الأنوار - ط مؤسسةالوفاء نویسنده : العلامة المجلسي جلد : 3 صفحه : 82
تأمل يا مفضل ما أنعم الله تقدست أسماؤه به على الانسان من هذه النطق الذي يعبر به عما في ضميره ، وما يخطر بقلبه ، ونتيجة فكره ، وبه يفهم عن غيره ما في نفسه ، ولولا ذلك كان بمنزلة البهائم المهملة التي لا تخبر عن نفسها بشئ ، ولا تفهم عن مخبر شيئا ، وكذلك الكتابة بها تقيد أخبار الماضين للباقين ، وأخبار الباقين للآتي ، وبها تخلد الكتب في العلوم والآداب وغيرها ، وبها يحفظ الانسان ذكر ما يجرى بينه وبين غيره من المعاملات والحساب ، ولولاه لانقطع أخبار بعض الازمنة عن بعض ، وأخبار الغائبين عن اوطانهم ، ودرست العلوم ، [١] وضاعت الآداب ، وعظم ما يدخل على الناس من الخلل في امورهم ومعاملاتهم ، وما يحتاجون إلى النظر فيه من أمر دينهم ، وما روي لهم مما لا يسعهم جهله ، ولعلك تظن أنها مما يخلص إليه بالحيلة والفطنة ، وليست مما اعطيه الانسان من خلقه وطباعه وكذلك الكلام إنما هو شئ يصطلح عليه. الناس فيجرى بينهم ، ولهذا صار يختلف في الامم المختلفة بألسن مختلفة وكذلك الكتابة ككتابة العربي والسرياني والعبراني والرومي وغيرها من سائر الكتابة التي هي متفرقة في الامم ، إنما اصطلحوا عليها كما اصطلحوا على الكلام ، فيقال لمن ادعى ذلك ، إن الانسان وان كان له في الامرين جميعا فعل أو حيلة فإن الشئ الذي يبلغ به ذلك الفعل والحيلة عطية وهبة من الله عزوجل في خلقه[٢] فإنه لولم يكن له لسان مهيؤ للكلام وذهن يهتدي به للامور لم يكن ليتكلم أبدا ، ولو لم يكن له كف مهياة وأصابع للكتابة لم يكن ليكتب أبدا ، واعتبر ذلك من البهائم التي لا كلام ولا كتابة ، فأصل ذلك فطرة الباري عزوجل وما تفضل به على خلقه ، فمن شكرا ثيب ومن كفر فإن الله غني عن العالمين.
بيان : كلامه ههنا مشعر بأن واضحع اللغات البسر فتدبر.[٣]
ذكر يا مفضل[٤] فيما اعطي الانسان علمه وما منع فإنه اعطي علم جميع ما فيه
[١]أى ذهب أثرها وانمحى.
[٢]وفي نسخة : في خلقته.
[٣]وأهم منه دلالته على كون الاوضاع تعينية لا تعيينية ، وكذا إشعاره بأن هذه وأمثالها اصطلاحات واعتبارات تضطر إليها البشر. ط
[٤]وفي نسخة فكر يا مفضل.
نام کتاب : بحار الأنوار - ط مؤسسةالوفاء نویسنده : العلامة المجلسي جلد : 3 صفحه : 82