وقال الرازي : المقصود من أول الآية أن يقطع الرسول(ص) طمعه عن إيمانهم ، وأن لا يتأذى بسبب إعراضهم عن الايمان ، وقوله : « فلا تكونن من الجاهلين » هذا النهي لا يقتضي إقدامه على مثل تلك الحالة ، كما أن قوله : « ولا تطع الكافرين والمنافقين » لا يدل على أنه (ص) أطاعهم قبل[٢] ، بل المقصود أنه لا ينبغي أن يشتد تحسرك على تكذيبهم ، ولا يجوز أن تحزن [٣] من إعراضهم عنك ، فإنك إن فعلت ذلك قرب حالك من حال الجاهل [٤]وقال في قوله تعالى : « ولا تطرد الذين يدعون ربهم » روي عن عبدالله ابن مسعود أنه قال : مر الملا من قريش على رسول الله (ص) وعنده صهيب وخباب وبلال وعمار وغيرهم من ضعفآء المسلمين ، فقالوا : يامحمد أرضيت بهؤلاء عن قومك؟ أفنحن نكون تبعا لهؤلاء؟ اطردهم عن بيتك ، فلعلك إن طردتهم اتبعناك ، فقال (ص) : ما أنا بطارد المؤمنين ، فقالوا : فأقمهم عنا إذا جئنا ، فإذا قمنا فأقعدهم معك إن شئت ، فقال : نعم طمعا في إيمانهم ، روي أن عمر قال له : لو فعلت ذلك حتى ننظر إلى ما يصيرون [٥]ثم ألحوا وقالوا للرسول (ص) : اكتب بذلك كتابا ، فدعا بالصحيفة فنزلت الآية [٦] ، واعتذر عمر من مقالته ، فقال سلمان وخباب : فينا نزلت ، فكان رسول الله يقعد معنا وندنو منه حتى يمس ركبنا ركبته ، وكان يقوم عنا إذا أراد القيام ، فنزل قوله : « واصبر نفسك » فترك القيام عنا إلى أن نقوم عنه ، وقال : الحمد لله الذي لم يمتني حتى أمرني أن أصبر نفسي مع قوم من امتي ، معكم المحيا ومعكم الممات.
ثم قال : احتج الطاعنون في عصمة الانبياء بهذه الآية من وجوه :
[١]أنوار التنزيل ١ : ٣٧٧. [٢]في المصدر : وقبل دينهم. [٣]في المصدر : أن تجزع. [٤]مفاتيح الغيب ٤ : ٥٣. [٥]في المصدر : إلى ماذا يصيرون. [٦]في المصدر : فدعا بالصحيفة وبعلى (ع)ليكتب فنزلت هذه الاية فرمى الصحيفة.
نام کتاب : بحار الأنوار - ط مؤسسةالوفاء نویسنده : العلامة المجلسي جلد : 17 صفحه : 41