وخامسها : أن في تلك المراتب الاربعة كان يطلب أن يأتي بالمعارضة رجل يساوى رسول الله (ص) في عدم التلمذ والتعلم ، ثم في سورة يونس طلب منهم معارضة سورة واحدة من أي إنسان سواه ، تعلم العلوم أو لم يتعلمها.
وسادسها : أن في المراتب المتقدمة تحدى كل واحد من الخلق ، وفي هذه المرتبة تحدى جميعهم ، وجوز أن يستعين البعض بالبعض في الاتيان بهذه المعارضة ، كما قال : « وادعوا من استطعتم من دون الله [٢] ».
وقال في قوله : « تلك من أنباء الغيب » : أي من الاخبار التي كانت غائبة عن الخلق ما كنت تعرف هذه القصة أنت ولا قومك.
فإن قيل : أليس كان قصة نوح مشهورة عند أهل العالم؟
قلنا : بحسب الاجمال كانت مشهورة ، وأما التفاصيل المذكورة فما كانت معلومة [٣].
وقال في قوله : « لولا انزل عليه آية من ربه » : اعلم أن من الناس من زعم أنه لم يظهر معجز في صدق محمد (ص) سوى القرآن لدلالة هذا الكلام عليه ، والجواب عنه من وجهين :
الاول : لعل المراد منه طلب معجزات سوى التي شاهدوها منه (ص) ، كحنين الجزع ، ونبوع الماء من بين أصابعه ، وإشباع الخلق الكثير من الطعام القليل ، وطلبوا منه معجزات غيرها ، مثل فلق البحر ، وقلب العصا ثعبانا [٤].
والثاني : أنه لعل الكفار ذكروا هذا الكلام قبل مشاهدة سائر المعجزات [٥].