كَانَ مُنَجِّماً لِنُمْرُودَ وَ لَمْ يَكُنْ يَصْدُرُ إِلَّا عَنْ أَمْرِهِ فَنَظَرَ لَيْلَةً فِي النُّجُومِ فَأَصْبَحَ وَ هُوَ يَقُولُ لِنُمْرُودَ لَقَدْ رَأَيْتُ عَجَباً قَالَ وَ مَا هُوَ قَالَ رَأَيْتُ مَوْلُوداً يُولَدُ فِي أَرْضِنَا يَكُونُ هَلَاكُنَا عَلَى يَدَيْهِ وَ لَا يَلْبَثُ إِلَّا قَلِيلًا حَتَّى يُحْمَلَ بِهِ قَالَ فَتَعَجَّبَ مِنْ ذَلِكَ وَ قَالَ هَلْ حَمَلَتْ بِهِ النِّسَاءُ قَالَ لَا قَالَ فَحَجَبَ النِّسَاءَ عَنِ الرِّجَالِ فَلَمْ يَدَعِ امْرَأَةً إِلَّا جَعَلَهَا فِي الْمَدِينَةِ لَا يُخْلَصُ إِلَيْهَا وَ وَقَعَ آزَرُ بِأَهْلِهِ فَعَلِقَتْ بِإِبْرَاهِيمَ ع فَظَنَّ أَنَّهُ صَاحِبُهُ فَأَرْسَلَ إِلَى نِسَاءٍ مِنَ الْقَوَابِلِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ لَا يَكُونُ فِي الرَّحِمِ شَيْءٌ إِلَّا عَلِمْنَ بِهِ فَنَظَرْنَ فَأَلْزَمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مَا فِي الرَّحِمِ إِلَى الظَّهْرِ فَقُلْنَ مَا نَرَى فِي بَطْنِهَا شَيْئاً وَ كَانَ فِيمَا أُوتِيَ مِنَ الْعِلْمِ أَنَّهُ سَيُحْرَقُ بِالنَّارِ وَ لَمْ يُؤْتَ عِلْمَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَيُنْجِيهِ قَالَ فَلَمَّا وَضَعَتْ أُمُّ إِبْرَاهِيمَ أَرَادَ آزَرُ أَنْ يَذْهَبَ بِهِ إِلَى نُمْرُودَ لِيَقْتُلَهُ فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ لَا تَذْهَبْ بِابْنِكَ إِلَى نُمْرُودَ فَيَقْتُلَهُ دَعْنِي أَذْهَبْ بِهِ إِلَى بَعْضِ الْغِيرَانِ[1] أَجْعَلْهُ فِيهِ حَتَّى يَأْتِيَ عَلَيْهِ أَجَلُهُ وَ لَا تَكُونَ أَنْتَ الَّذِي تَقْتُلُ ابْنَكَ فَقَالَ لَهَا فَامْضِي بِهِ قَالَ فَذَهَبَتْ بِهِ إِلَى غَارٍ ثُمَّ أَرْضَعَتْهُ ثُمَّ جَعَلَتْ عَلَى بَابِ الْغَارِ صَخْرَةً ثُمَّ انْصَرَفَتْ عَنْهُ قَالَ فَجَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ رِزْقَهُ فِي إِبْهَامِهِ فَجَعَلَ يَمَصُّهَا فَيَشْخُبُ لَبَنُهَا[2] وَ جَعَلَ يَشِبُّ فِي الْيَوْمِ كَمَا يَشِبُّ غَيْرُهُ فِي الْجُمْعَةِ وَ يَشِبُّ فِي الْجُمْعَةِ كَمَا يَشِبُّ غَيْرُهُ فِي الشَّهْرِ وَ يَشِبُّ فِي الشَّهْرِ كَمَا يَشِبُّ غَيْرُهُ فِي السَّنَةِ فَمَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَمْكُثَ ثُمَّ إِنَّ أُمَّهُ قَالَتْ لِأَبِيهِ لَوْ أَذِنْتَ لِي حَتَّى أَذْهَبَ إِلَى ذَلِكَ الصَّبِيِّ فَعَلْتُ قَالَ فَافْعَلِي فَذَهَبَتْ فَإِذَا هِيَ بِإِبْرَاهِيمَ ع وَ إِذَا عَيْنَاهُ تَزْهَرَانِ كَأَنَّهُمَا سِرَاجَانِ قَالَ فَأَخَذَتْهُ فَضَمَّتْهُ إِلَى صَدْرِهَا وَ أَرْضَعَتْهُ ثُمَّ انْصَرَفَتْ عَنْهُ فَسَأَلَهَا آزَرُ عَنْهُ فَقَالَتْ قَدْ وَارَيْتُهُ فِي التُّرَابِ فَمَكَثَتْ تَفْعَلُ فَتَخْرُجُ فِي الْحَاجَةِ وَ تَذْهَبُ إِلَى إِبْرَاهِيمَ ع فَتَضُمُّهُ إِلَيْهَا وَ تُرْضِعُهُ ثُمَّ تَنْصَرِفُ فَلَمَّا تَحَرَّكَ أَتَتْهُ كَمَا كَانَتْ تَأْتِيهِ فَصَنَعَتْ بِهِ كَمَا كَانَتْ تَصْنَعُ فَلَمَّا أَرَادَتِ الِانْصِرَافَ أَخَذَ بِثَوْبِهَا فَقَالَتْ لَهُ مَا لَكَ فَقَالَ لَهَا اذْهَبِي بِي مَعَكِ فَقَالَتْ لَهُ حَتَّى أَسْتَأْمِرَ أَبَاكَ قَالَ فَأَتَتْ أُمُّ إِبْرَاهِيمَ ع آزَرَ فَأَعْلَمَتْهُ الْقِصَّةَ فَقَالَ لَهَا ائْتِينِي بِهِ فَأَقْعِدِيهِ عَلَى الطَّرِيقِ فَإِذَا مَرَّ بِهِ إِخْوَتُهُ دَخَلَ
[1] الغار: الكهف و الجمع: الغيران.
[2] فيشخب- بضم الخاء و فتحها- أى يسيل. و قوله:« يشب»- بكسر الشين- أى ينمو.