[2] قال الجزريّ: العدوى: اسم من الاعداء كالرعوى
و البقوى من الارعاء و الابقاء، يقال:
أعداه الداء يعديه إعداء و هو أن
يصيبه مثل ما بصاحب الداء و ذلك أن يكون ببعير جرب مثلا فتتقى مخالطته بابل اخرى
حذار أن يتعدى ما به من الجرب إليها فيصيبها ما أصابه و قد أبطله الإسلام لانهم
كانوا يظنون أن المرض بنفسه يتعدى فأعلمهم النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه ليس
الامر كذلك و انما اللّه تعالى هو الذي يمرض و ينزل الداء و لهذا قال في بعض
الأحاديث« فمن أعدى البعير الأول» أى من أين صار فيه الجرب انتهى. أقول: يمكن أن
يكون المراد نفى استقلال العدوى بدون مدخلية مشيئة اللّه تعالى بل مع الاستعاذة
باللّه يصرفه عنه فلا ينافى الامر بالفرار من المجذوم و أمثاله لعامة الناس الذين
لضعف يقينهم لا يستعيذون به تعالى و تتأثر نفوسهم بأمثاله و قد روى أن عليّ بن
الحسين عليهما السلام أكل مع المجذومين و دعاهم إلى طعامه و شاركهم في الاكل. و
قيل: الجذام مستثنى من هذه الكلية و قال الطيبى العدوى مجاوزة العلة او الخلق إلى
الغير و هو يزعم الطبّ في سبع: الجذام و الجرب و الجدرى و الحصبة و النجر و الرمد
و الأمراض الوبائية.« فأبطله الشرع» أي لا تسرى علة إلى شخص و قيل: بل نفى استقلال
تأثيره بل هو متعلق بمشيئة اللّه و لذا منع مقاربته كمقاربة الجدار المائل و
السفينة المعيبة و أجاب الاولون بان النهى عنها للشفقة خشية أن يعتقد حقيته إن
اتفق اصابة عاهة« بقية الحاشية في الصفحة الآتية»« بقية الحاشية من الصفحة
الماضية»
و أرى هذا القول أولى لما فيه من
التوفيق بين الأحاديث و الأصول الطبية التي ورد الشرع باعتبارها على وجه لا يناقض
أصول التوحيد.
و قوله:« و لا طيرة» هذا أيضا مثل
السابق و المراد أنّه لا يجوز التطيّر و التشؤم بالامور أو لا تأثير للطيرة على
الاستقلال بل مع قوة النفس و عدم التأثر بها و التوكل على اللّه تعالى ترتفع
تأثيرها و يؤيده ما ورد في بعض الأخبار من الدلالة على تأثيرها في الجملة و ما ورد
في بعض الأدعية من الاستعاذة منها، قال الجزريّ: فيه لا عدوى و لا طيرة. الطيرة
بكسر الطاء و فتح الياء و قد يسكن هى التشؤم بالشيء و هو مصدر تطيّر يقال: التطير
بالسوانح و البوارح من الطير و الظباء و غيرهما و كان ذلك يصدهم عن مقاصدهم فنفاه
الشرع و أبطله و نهى عنه و أخبر أنّه ليس له تأثير في جلب نفع أو دفع ضر.
قوله:« و لا هامة» قال الجزريّ:
فيه لا عدوى و لا هامة. الهامة: الرأس و اسم طائر و هو المراد في الحديث و ذلك
أنهم كانوا يتشأمون بها و هي من طير الليل و قيل: هى البومة و قيل: كانت العرب
نزعم أن روح القتيل الذي لا يدرك بثاره تصير هامة فتقول: أسفونى أسفونى فإذا أدرك
بثاره طارت و قيل: كانوا يزعمون أن عظام الميت- و قيل: روحه- تصير هامة فتطير و
يسمونه الصدى فنفاه الإسلام و نهاهم عنه و ذكره الهروى في الهاء و الواو و ذكره
الجوهريّ في الهاء و الياء.
قوله صلّى اللّه عليه و آله:« و
لا صفر» قال الجزريّ: فيه لا عدوى و لا هامة و لا صفر. كانت العرب تزعم أن في
البطن حية يقال لها: الصفر تصيب الإنسان إذا جاع و تؤذيه و أنّها تعدى فأبطل
الإسلام ذلك. و قيل: اراد به النسيء الذي كانوا يفعلونه في الجاهلية و هو تأخير
المحرم الى صفر و يجعلون صفر هو الشهر الحرام فأبطله. انتهى. و قيل: هو الشهر
المعروف زعموا أنّه يكثر فيه الدواهى و الفتن فنفاه الشارع و يحتمل أن يكون المراد
هنا النهى عن الصفير بقرينة انه عليه السلام لم يذكر الجواب عنه و هو بعيد و
الظاهر أن الراوي ترك جواب الصفير و يظهر من بعض الأخبار كراهته.
قوله:« و لا رضاع بعد فصال» أي لا
حكم للرضاع بعد الزمان الذي يجب فيه قطع اللبن عن الولد اي بعد الحولين فلا ينشر
الحرمة.
قوله:« و لا تعرب بعد هجرة» أي لا
يجوز اللحوق بالاعراب و ترك الهجرة بعدها و عد في كثير من الاخبار من الكبائر.
« بقية الحاشية في الصفحة الآتية»«
بقية الحاشية من الصفحة الماضية»
قوله:« و لا صمت يوما إلى الليل»
أي لا يجوز التعبد بصوم الصمت الذي كان في الأمم السابقة فانه منسوخ في هذا الشرع.
قوله:« و لا طلاق قبل نكاح» كان
يقول: إذا تزوجت فلانة فهي طالق. فلا يتحقّق هذا الطلاق و كذا قوله:« لا عتق قبل
ملك».
قوله صلّى اللّه عليه و آله:« و
لا يتم بعد إدراك» أي يرفع حكم اليتيم من حجره و ولاية الولى عليه و حرمة أكل ماله
بغير اذن وليه و غيرها بعد بلوغه.( آت)
نام کتاب : الكافي- ط الاسلامية نویسنده : الشيخ الكليني جلد : 8 صفحه : 196