ثُمَّ إِنَّهُمْ عَتَوْا عَلَى اللَّهِ وَ مَشَى بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ وَ قَالُوا اعْقِرُوا هَذِهِ النَّاقَةَ وَ اسْتَرِيحُوا مِنْهَا لَا نَرْضَى أَنْ يَكُونَ لَنَا شِرْبُ يَوْمٍ وَ لَهَا شِرْبُ يَوْمٍ ثُمَّ قَالُوا مَنِ الَّذِي يَلِي قَتْلَهَا وَ نَجْعَلَ لَهُ جُعْلًا مَا أَحَبَّ فَجَاءَهُمْ رَجُلٌ أَحْمَرُ أَشْقَرُ أَزْرَقُ[1] وَلَدُ زِنًى لَا يُعْرَفُ لَهُ أَبٌ يُقَالُ لَهُ قُدَارٌ شَقِيٌّ مِنَ الْأَشْقِيَاءِ[2] مَشْئُومٌ عَلَيْهِمْ فَجَعَلُوا لَهُ جُعْلًا فَلَمَّا تَوَجَّهَتِ النَّاقَةُ إِلَى الْمَاءِ الَّذِي كَانَتْ تَرِدُهُ تَرَكَهَا حَتَّى شَرِبَتِ الْمَاءَ وَ أَقْبَلَتْ رَاجِعَةً فَقَعَدَ لَهَا فِي طَرِيقِهَا فَضَرَبَهَا بِالسَّيْفِ ضَرْبَةً فَلَمْ تَعْمَلْ شَيْئاً فَضَرَبَهَا ضَرْبَةً أُخْرَى فَقَتَلَهَا وَ خَرَّتْ إِلَى الْأَرْضِ عَلَى جَنْبِهَا وَ هَرَبَ فَصِيلُهَا حَتَّى صَعِدَ إِلَى الْجَبَلِ فَرَغَى ثَلَاثَ مَرَّاتٍ[3] إِلَى السَّمَاءِ وَ أَقْبَلَ قَوْمُ صَالِحٍ فَلَمْ يَبْقَ أَحَدٌ مِنْهُمْ إِلَّا شَرِكَهُ فِي ضَرْبَتِهِ وَ اقْتَسَمُوا لَحْمَهَا فِيمَا بَيْنَهُمْ فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ صَغِيرٌ وَ لَا كَبِيرٌ إِلَّا أَكَلَ مِنْهَا فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ صَالِحٌ أَقْبَلَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ يَا قَوْمِ مَا دَعَاكُمْ إِلَى مَا صَنَعْتُمْ أَ عَصَيْتُمْ رَبَّكُمْ فَأَوْحَى اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى إِلَى صَالِحٍ ع أَنَّ قَوْمَكَ قَدْ طَغَوْا وَ بَغَوْا وَ قَتَلُوا نَاقَةً بَعَثْتُهَا إِلَيْهِمْ حُجَّةً عَلَيْهِمْ وَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمْ فِيهَا ضَرَرٌ وَ كَانَ لَهُمْ مِنْهَا أَعْظَمُ الْمَنْفَعَةِ فَقُلْ لَهُمْ إِنِّي مُرْسِلٌ عَلَيْكُمْ عَذَابِي إِلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَإِنْ هُمْ تَابُوا وَ رَجَعُوا قَبِلْتُ تَوْبَتَهُمْ وَ صَدَدْتُ عَنْهُمْ وَ إِنْ هُمْ لَمْ يَتُوبُوا وَ لَمْ يَرْجِعُوا بَعَثْتُ عَلَيْهِمْ عَذَابِي فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ فَأَتَاهُمْ صَالِحٌ ع فَقَالَ لَهُمْ يَا قَوْمِ إِنِّي رَسُولُ رَبِّكُمْ إِلَيْكُمْ وَ هُوَ يَقُولُ لَكُمْ إِنْ أَنْتُمْ تُبْتُمْ وَ رَجَعْتُمْ وَ اسْتَغْفَرْتُمْ غَفَرْتُ لَكُمْ وَ تُبْتُ عَلَيْكُمْ فَلَمَّا قَالَ لَهُمْ ذَلِكَ كَانُوا أَعْتَى مَا كَانُوا وَ أَخْبَثَ وَ قَالُوا- يا صالِحُ ائْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ [الصَّادِقِينَ][4] قَالَ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ تُصْبِحُونَ غَداً وَ وُجُوهُكُمْ مُصْفَرَّةٌ وَ الْيَوْمَ الثَّانِيَ وُجُوهُكُمْ مُحْمَرَّةٌ وَ الْيَوْمَ الثَّالِثَ وُجُوهُكُمْ مُسْوَدَّةٌ فَلَمَّا أَنْ كَانَ أَوَّلُ يَوْمٍ أَصْبَحُوا وَ وُجُوهُهُمْ مُصْفَرَّةٌ فَمَشَى بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ وَ قَالُوا قَدْ جَاءَكُمْ مَا قَالَ لَكُمْ صَالِحٌ فَقَالَ الْعُتَاةُ مِنْهُمْ لَا نَسْمَعُ قَوْلَ صَالِحٍ-
[1] في القاموس: الاشقر من الناس من تعلو بياضه حمرة.
[2]« قدار» قال الجوهريّ: قدار- بضم القاف و تخفيف الدال- يقال له: أحمر ثمود و عاقر ناقة صالح.
[3]« فرغى» قال في القاموس: رغى البعير: صوّت و ضج.
[4] الأعراف: 77، و فيها« إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ» و لعلها نقل بالمعنى، أو من النسّاخ، أو مأخوذة من الآية لا لفظها.