وَ اعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ وَ احْمَدُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَ اعْلَمُوا أَنَّكُمْ لَا تَخْرُجُونَ مِنْ قُدْرَةِ اللَّهِ إِلَى غَيْرِ قُدْرَتِهِ وَ سَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ ثُمَ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ* فَانْتَفِعُوا بِالْعِظَةِ وَ تَأَدَّبُوا بِآدَابِ الصَّالِحِينَ.
3- أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْكُوفِيُّ وَ هُوَ الْعَاصِمِيُّ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ الصَّوَّافِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْهَمْدَانِيِّ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى ع قَالَ: كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع يُوصِي أَصْحَابَهُ وَ يَقُولُ أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ فَإِنَّهَا غِبْطَةُ الطَّالِبِ الرَّاجِي وَ ثِقَةُ الْهَارِبِ اللَّاجِي وَ اسْتَشْعِرُوا التَّقْوَى شِعَاراً بَاطِناً وَ اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً خَالِصاً- تَحْيَوْا بِهِ أَفْضَلَ الْحَيَاةِ وَ تَسْلُكُوا بِهِ طَرِيقَ النَّجَاةِ- انْظُرُوا فِي الدُّنْيَا نَظَرَ الزَّاهِدِ الْمُفَارِقِ لَهَا فَإِنَّهَا تُزِيلُ الثَّاوِيَ[1] السَّاكِنَ وَ تَفْجَعُ الْمُتْرَفَ الْآمِنَ- لَا يُرْجَى مِنْهَا مَا تَوَلَّى فَأَدْبَرَ وَ لَا يُدْرَى مَا هُوَ آتٍ مِنْهَا فَيُنْتَظَرَ وُصِلَ الْبَلَاءُ مِنْهَا بِالرَّخَاءِ وَ الْبَقَاءُ مِنْهَا إِلَى فَنَاءٍ فَسُرُورُهَا مَشُوبٌ بِالْحُزْنِ وَ الْبَقَاءُ فِيهَا إِلَى الضَّعْفِ وَ الْوَهْنِ فَهِيَ كَرَوْضَةٍ اعْتَمَّ مَرْعَاهَا[2] وَ أَعْجَبَتْ مَنْ يَرَاهَا- عَذْبٌ شُرْبُهَا طَيِّبٌ تُرْبُهَا تَمُجُّ عُرُوقُهَا الثَّرَى[3] وَ تَنْطُفُ فُرُوعُهَا النَّدَى حَتَّى إِذَا بَلَغَ الْعُشْبُ إِبَّانَهُ وَ اسْتَوَى بَنَانُهُ[4] هَاجَتْ رِيحٌ تَحُتُّ الْوَرَقَ وَ تُفَرِّقُ مَا اتَّسَقَ فَأَصْبَحَتْ كَمَا قَالَ اللَّهُ- هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّياحُ وَ كانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً[5] انْظُرُوا فِي الدُّنْيَا فِي كَثْرَةِ مَا يُعْجِبُكُمْ وَ قِلَّةِ مَا يَنْفَعُكُمْ.
[1] الثاوى: القائم. و المترف الطاغى، أترفته النعمة: أطغته.
[2] اعتم النبت أي اكتهل و اكتهل النبات أي تمّ طوله و ظهر نوره.
[3] في المصباح: مج الرجل الماء من فيه من باب قتل: رمى به. و قال: الثرى- و زان الحصا:
ندى الأرض انتهى. و نطف الماء ينطف- بكسر و ضم-: إذا قطر قليل قليل.
[4] العشب: الكلاء الرطب: و إبّان الشيء حينه أو أوله.
[5] الكهف: 46.