قَالَ فَيُشْرِفُ الْجَبَّارُ عَزَّ وَ جَلَّ الْحَكَمُ الْعَدْلُ عَلَيْهِمْ فَيَقُولُ أَنَا اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا الْحَكَمُ الْعَدْلُ الَّذِي لَا يَجُورُ الْيَوْمَ أَحْكُمُ بَيْنَكُمْ بِعَدْلِي وَ قِسْطِي لَا يُظْلَمُ الْيَوْمَ عِنْدِي أَحَدٌ الْيَوْمَ آخُذُ لِلضَّعِيفِ مِنَ الْقَوِيِّ بِحَقِّهِ وَ لِصَاحِبِ الْمَظْلِمَةِ بِالْمَظْلِمَةِ بِالْقِصَاصِ مِنَ الْحَسَنَاتِ وَ السَّيِّئَاتِ وَ أُثِيبُ عَلَى الْهِبَاتِ[1] وَ لَا يَجُوزُ هَذِهِ الْعَقَبَةَ الْيَوْمَ عِنْدِي ظَالِمٌ وَ لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ إِلَّا مَظْلِمَةً يَهَبُهَا صَاحِبُهَا وَ أُثِيبُهُ عَلَيْهَا وَ آخُذُ لَهُ بِهَا عِنْدَ الْحِسَابِ فَتَلَازَمُوا أَيُّهَا الْخَلَائِقُ وَ اطْلُبُوا مَظَالِمَكُمْ عِنْدَ مَنْ ظَلَمَكُمْ بِهَا فِي الدُّنْيَا وَ أَنَا شَاهِدٌ لَكُمْ عَلَيْهِمْ وَ كَفَى بِي شَهِيداً قَالَ فَيَتَعَارَفُونَ وَ يَتَلَازَمُونَ فَلَا يَبْقَى أَحَدٌ لَهُ عِنْدَ أَحَدٍ مَظْلِمَةٌ أَوْ حَقٌّ إِلَّا لَزِمَهُ بِهَا قَالَ فَيَمْكُثُونَ مَا شَاءَ اللَّهُ فَيَشْتَدُّ حَالُهُمْ وَ يَكْثُرُ عَرَقُهُمْ[2] وَ يَشْتَدُّ غَمُّهُمْ وَ تَرْتَفِعُ أَصْوَاتُهُمْ بِضَجِيجٍ شَدِيدٍ فَيَتَمَنَّوْنَ الْمَخْلَصَ مِنْهُ بِتَرْكِ مَظَالِمِهِمْ لِأَهْلِهَا قَالَ وَ يَطَّلِعُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى جَهْدِهِمْ[3] فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى يَسْمَعُ آخِرُهُمْ كَمَا يَسْمَعُ أَوَّلُهُمْ يَا مَعْشَرَ الْخَلَائِقِ أَنْصِتُوا لِدَاعِي اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى وَ اسْمَعُوا إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى يَقُولُ [لَكُمْ] أَنَا الْوَهَّابُ إِنْ أَحْبَبْتُمْ أَنْ تَوَاهَبُوا فَتَوَاهَبُوا وَ إِنْ لَمْ تَوَاهَبُوا أَخَذْتُ لَكُمْ بِمَظَالِمِكُمْ قَالَ فَيَفْرَحُونَ بِذَلِكَ لِشِدَّةِ جَهْدِهِمْ وَ ضِيقِ مَسْلَكِهِمْ وَ تَزَاحُمِهِمْ قَالَ فَيَهَبُ بَعْضُهُمْ مَظَالِمَهُمْ رَجَاءَ أَنْ يَتَخَلَّصُوا مِمَّا هُمْ فِيهِ وَ يَبْقَى بَعْضُهُمْ فَيَقُولُ يَا رَبِّ مَظَالِمُنَا أَعْظَمُ مِنْ أَنْ نَهَبَهَا قَالَ فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنْ تِلْقَاءِ الْعَرْشِ أَيْنَ رِضْوَانُ خَازِنُ الْجِنَانِ جِنَانِ الْفِرْدَوْسِ قَالَ فَيَأْمُرُهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يُطْلِعَ[4] مِنَ الْفِرْدَوْسِ قَصْراً مِنْ فِضَّةٍ بِمَا فِيهِ مِنَ الْأَبْنِيَةِ[5] وَ الْخَدَمِ قَالَ فَيُطْلِعُهُ عَلَيْهِمْ فِي حِفَافَةِ الْقَصْرِ الْوَصَائِفُ وَ الْخَدَمُ[6] قَالَ فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَبَارَكَ
[1] أي هبات المظالم و إبراء الذمم.( فى)
[2] لما رأوا من شغل ذممهم بالمظالم و ترددهم في إبراء خصمائهم من مظالمهم أو أخذهم بها لجهلهم.( فى)
[3] يعني أنهم يطلعون وقتئذ على اطلاع اللّه على مشقتهم و إلّا فان اللّه سبحانه لم يزل مطلعا على السرائر و العلن.( فى)
[4] من باب الافعال أي يظهره لهم.
[5] في غير واحد من النسخ[ من الآنية].
[6]« حفافة القصر» أي جوانبه. و الوصائف و الخدم من باب عطف أحد المترادفين على الآخر و الخدم أعم من الأثاث.( فى)