فَمَا مَعْنَى التَّسْمِيَةِ لَهُنَّ النِّصْفُ وَ الثُّلُثَانِ فَهَذَا كُلُّهُ صَائِرٌ لَهُنَّ وَ رَاجِعٌ إِلَيْهِنَّ وَ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا بَقِيَ فَهُوَ لِغَيْرِهِمْ وَ هُمُ الْعَصَبَةُ قِيلَ لَهُ لَيْسَتِ الْعَصَبَةُ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَ لَا فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ إِنَّمَا ذَكَرَ اللَّهُ ذَلِكَ وَ سَمَّاهُ لِأَنَّهُ قَدْ يُجَامِعُهُنَّ الْإِخْوَةُ مِنَ الْأُمِّ وَ يُجَامِعُهُنَّ الزَّوْجُ وَ الزَّوْجَةُ فَسَمَّى ذَلِكَ لِيَدُلَّ كَيْفَ كَانَ الْقِسْمَةُ وَ كَيْفَ يَدْخُلُ النُّقْصَانُ عَلَيْهِنَّ وَ كَيْفَ تَرْجِعُ الزِّيَادَةُ إِلَيْهِنَّ عَلَى قَدْرِ السِّهَامِ وَ الْأَنْصِبَاءِ إِذَا كُنَّ لَا يُحِطْنَ بِالْمِيرَاثِ أَبَداً عَلَى حَالٍ وَاحِدَةٍ لِيَكُونَ الْعَمَلُ فِي سِهَامِهِمْ كَالْعَمَلِ فِي سِهَامِ الْوَلَدِ عَلَى قَدْرِ مَا يُجَامِعُ الْوَلَدَ مِنَ الزَّوْجِ وَ الْأَبَوَيْنِ وَ لَوْ لَمْ يُسَمِّ ذَلِكَ لَمْ يُهْتَدَ لِهَذَا الَّذِي بَيَّنَّاهُ وَ بِاللَّهِ التَّوْفِيقُ ثُمَّ ذَكَرَ أُولِي الْأَرْحَامِ فَقَالَ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ لِيُعَيِّنَ أَنَّ الْبَعْضَ الْأَقْرَبَ أَوْلَى مِنَ الْبَعْضِ الْأَبْعَدِ وَ أَنَّهُمْ أَوْلَى مِنَ الْحُلَفَاءِ وَ الْمَوَالِي وَ هَذَا بِإِجْمَاعٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لِأَنَّ قَوْلَهُمْ بِالْعَصَبَةِ يُوجِبُ إِجْمَاعَ مَا قُلْنَاهُ ثُمَّ ذَكَرَ إِبْطَالَ الْعَصَبَةِ فَقَالَ لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَ الْأَقْرَبُونَ وَ لِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَ الْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً[1] وَ لَمْ يَقُلْ فَمَا بَقِيَ هُوَ لِلرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ فَمَا فَرَضَ اللَّهُ جَلَّ ذِكْرُهُ لِلرِّجَالِ فِي مَوْضِعٍ حَرَّمَ فِيهِ عَلَى النِّسَاءِ بَلْ أَوْجَبَ لِلنِّسَاءِ فِي كُلِّ مَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ وَ هَذَا مَا ذَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي كِتَابِهِ مِنَ الْفَرَائِضِ فَكُلُّ مَا خَالَفَ هَذَا عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ فَهُوَ رَدٌّ عَلَى اللَّهِ وَ عَلَى رَسُولِهِ ص وَ حُكْمٌ بِغَيْرِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَ هَذَا نَظِيرُ مَا حَكَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَنِ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ يَقُولُ- وَ قالُوا ما فِي بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ خالِصَةٌ لِذُكُورِنا وَ مُحَرَّمٌ عَلى أَزْواجِنا[2] وَ
- فِي كِتَابِ أَبِي نُعَيْمٍ الطَّحَّانِ رَوَاهُ عَنْ شَرِيكٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ حَكِيمِ بْنِ جَابِرٍ[3] عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُ قَالَ مِنْ قَضَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ يُورَثَ الرِّجَالُ دُونَ النِّسَاءِ.
1- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ صَالِحِ بْنِ السِّنْدِيِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ عَنْ حُسَيْنٍ الرَّزَّازِ قَالَ: أَمَرْتُ مَنْ يَسْأَلُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع الْمَالُ لِمَنْ هُوَ لِلْأَقْرَبِ أَوْ لِلْعَصَبَةِ فَقَالَ الْمَالُ لِلْأَقْرَبِ وَ الْعَصَبَةُ فِي فِيهِ التُّرَابُ.
[1] النساء: 6.
[2] الأنعام: 138.
[3] كذا و الظاهر ابن جبير.