انْطَلِقْ يَا جُوَيْبِرُ إِلَى زِيَادِ بْنِ لَبِيدٍ فَإِنَّهُ مِنْ أَشْرَفِ بَنِي بَيَاضَةَ[1] حَسَباً فِيهِمْ فَقُلْ لَهُ إِنِّي رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ إِلَيْكَ وَ هُوَ يَقُولُ لَكَ زَوِّجْ جُوَيْبِراً ابْنَتَكَ الذَّلْفَاءَ[2] قَالَ فَانْطَلَقَ جُوَيْبِرٌ بِرِسَالَةِ رَسُولِ اللَّهِ ص إِلَى زِيَادِ بْنِ لَبِيدٍ وَ هُوَ فِي مَنْزِلِهِ وَ جَمَاعَةٌ مِنْ قَوْمِهِ عِنْدَهُ فَاسْتَأْذَنَ فَأُعْلِمَ فَأَذِنَ لَهُ فَدَخَلَ وَ سَلَّمَ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ يَا زِيَادَ بْنَ لَبِيدٍ إِنِّي رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ إِلَيْكَ فِي حَاجَةٍ لِي فَأَبُوحُ بِهَا أَمْ أُسِرُّهَا إِلَيْكَ فَقَالَ لَهُ زِيَادٌ بَلْ بُحْ بِهَا[3] فَإِنَّ ذَلِكَ شَرَفٌ لِي وَ فَخْرٌ فَقَالَ لَهُ جُوَيْبِرٌ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص يَقُولُ لَكَ زَوِّجْ جُوَيْبِراً ابْنَتَكَ الذَّلْفَاءَ فَقَالَ لَهُ زِيَادٌ أَ رَسُولُ اللَّهِ أَرْسَلَكَ إِلَيَّ بِهَذَا فَقَالَ لَهُ نَعَمْ مَا كُنْتُ لِأَكْذِبَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ص فَقَالَ لَهُ زِيَادٌ إِنَّا لَا نُزَوِّجُ فَتَيَاتِنَا إِلَّا أَكْفَاءَنَا مِنَ الْأَنْصَارِ فَانْصَرِفْ يَا جُوَيْبِرُ حَتَّى أَلْقَى رَسُولَ اللَّهِ ص فَأُخْبِرَهُ بِعُذْرِي فَانْصَرَفَ جُوَيْبِرٌ وَ هُوَ يَقُولُ وَ اللَّهِ مَا بِهَذَا نَزَلَ الْقُرْآنُ وَ لَا بِهَذَا ظَهَرَتْ نُبُوَّةُ مُحَمَّدٍ ص فَسَمِعَتْ مَقَالَتَهُ الذَّلْفَاءُ بِنْتُ زِيَادٍ وَ هِيَ فِي خِدْرِهَا[4] فَأَرْسَلَتْ إِلَى أَبِيهَا ادْخُلْ إِلَيَّ فَدَخَلَ إِلَيْهَا فَقَالَتْ لَهُ مَا هَذَا الْكَلَامُ الَّذِي سَمِعْتُهُ مِنْكَ تُحَاوِرُ بِهِ جُوَيْبِراً فَقَالَ لَهَا ذَكَرَ لِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص أَرْسَلَهُ وَ قَالَ يَقُولُ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ ص زَوِّجْ جُوَيْبِراً ابْنَتَكَ الذَّلْفَاءَ فَقَالَتْ لَهُ وَ اللَّهِ مَا كَانَ جُوَيْبِرٌ لِيَكْذِبَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ص بِحَضْرَتِهِ فَابْعَثِ الْآنَ رَسُولًا يَرُدُّ عَلَيْكَ جُوَيْبِراً فَبَعَثَ زِيَادٌ رَسُولًا فَلَحِقَ جُوَيْبِراً فَقَالَ لَهُ زِيَادٌ يَا جُوَيْبِرُ مَرْحَباً بِكَ اطْمَئِنَّ حَتَّى أَعُودَ إِلَيْكَ ثُمَّ انْطَلَقَ زِيَادٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ص فَقَالَ لَهُ بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي إِنَّ جُوَيْبِراً أَتَانِي بِرِسَالَتِكَ وَ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص يَقُولُ لَكَ زَوِّجْ جُوَيْبِراً ابْنَتَكَ الذَّلْفَاءَ فَلَمْ أَلِنْ لَهُ بِالْقَوْلِ وَ رَأَيْتُ لِقَاءَكَ وَ نَحْنُ لَا نَتَزَوَّجُ إِلَّا أَكْفَاءَنَا مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص يَا زِيَادُ- جُوَيْبِرٌ مُؤْمِنٌ وَ الْمُؤْمِنُ كُفْوٌ لِلْمُؤْمِنَةِ وَ الْمُسْلِمُ كُفْوٌ لِلْمُسْلِمَةِ فَزَوِّجْهُ يَا زِيَادُ وَ لَا تَرْغَبْ عَنْهُ قَالَ فَرَجَعَ زِيَادٌ إِلَى مَنْزِلِهِ وَ دَخَلَ عَلَى ابْنَتِهِ فَقَالَ لَهَا مَا سَمِعَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ص فَقَالَتْ لَهُ إِنَّكَ إِنْ عَصَيْتَ رَسُولَ اللَّهِ ص كَفَرْتَ فَزَوِّجْ جُوَيْبِراً فَخَرَجَ زِيَادٌ فَأَخَذَ بِيَدِ جُوَيْبِرٍ ثُمَّ أَخْرَجَهُ إِلَى قَوْمِهِ فَزَوَّجَهُ عَلَى سُنَّةِ اللَّهِ وَ سُنَّةِ رَسُولِهِ ص وَ ضَمِنَ صَدَاقَهُ قَالَ فَجَهَّزَهَا زِيَادٌ وَ هَيَّئُوهَا ثُمَ
[1] قبيلة من الأنصار.
[2] الذلفاء في أكثر النسخ بالمهملة و يظهر من كتب اللغة انها بالمعجمة قال الجوهريّ: الذلف- بالتحريك-: صغر الانف و استواء الارنبة يقال: رجل اذلف و امرأة ذلفاء و منه سميت المرأة.
[3] البوح: الاظهار و الاعلان.
[4] الخدر- بالكسر-: ستر يمد للجارية في ناحية البيت.