[1]« كنت سمعه الذي يسمع به إلخ» إن العارف لما
تخلى من شهواته و ارادته و تجلى محبة الحق على عقله و روحه و مسامعه و مشاعره و
فوض جميع أموره إليه و سلم و رضى بكل ما قضى ربه عليه يصير الرب سبحانه متصرفا في
عقله و قلبه و قواه و يدبر أموره على ما يحبه و يرضاه فيريد الأشياء بمشيئة مولاه
كما قال سبحانه مخاطبا لهم:« وَ ما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ»* و كما
ورد في تأويل هذه الآية في غوامض الاخبار عن معادن الحكم و الاسرار و الأئمّة
الأخيار و روى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: قلب المؤمن بين اصبعين من أصابع
الرحمن يقلبها كيف يشاء و كذلك يتصرف ربه الأعلى منه في سائر الجوارح و القوى كما
قال سبحانه مخاطبا لنبيه صلّى اللّه عليه و آله:« وَ ما رَمَيْتَ إِذْ
رَمَيْتَ وَ لكِنَّ اللَّهَ رَمى» و قال تعالى:« إِنَّ الَّذِينَ
يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ» فلذلك
صارت طاعتهم طاعة اللّه و معصيتهم معصية اللّه فاتضح بذلك معنى قوله تعالى: كنت
سمعه و بصره و أنه به يسمع و يبصر. فكذا سائر المشاعر تدرك بنوره و تنويره و سائر
الجوارح تتحرك بتيسيره و تدبيره كما قال تعالى:« فَسَنُيَسِّرُهُ
لِلْيُسْرى». و قال المحقق الطوسيّ قدس اللّه روحه القدوسى:
العارف إذا انقطع عن نفسه و اتصل
بالحق رأى كل قدرة مستغرقة في قدرته المتعلقة بجميع المقدورات و كل علم مستغرقا في
علمه الذي لا يعزب عنه شيء من الموجودات و كل إرادة مستغرقة في ارادته التي لا
يتأتى عنها شيء من الممكنات بل كل وجود و كل كمال وجود فهو صادر عنه فائض من لدنه
فصار الحق حينئذ بصره الذي به يبصر و سمعه الذي به يسمع و قدرته التي بها يفعل و
علمه الذي به يعلم و وجوده الذي به يوجد فصار العارف حينئذ متخلقا باخلاق اللّه في
الحقيقة.( آت)
[2] الشهرة: ظهور الشيء و وضوحه. يقال: شهره
كمنعه و شهره و اشتهره شهرة و تشهيرا و اشتهارا.
[3] أي الحجاب المعنوى و هو إمكان العبد المانع
لان يصل العبد إلى حقيقة الربوبية( آت).
نام کتاب : الكافي- ط الاسلامية نویسنده : الشيخ الكليني جلد : 2 صفحه : 353