[1] اعلم أن الأمة اختلفوا في رؤية اللّه سبحانه و تعالى عن ذلك
على أقوال فذهب المشبهة و الكرامية إلى جواز رؤيته تعالى في الدارين في الجهة و
المكان لكونه تعالى عندهم جسما و ذهب الأشاعرة الى جواز رؤيته تعالى في الآخرة
منزها عن المقابلة و الجهة و المكان و ذهب المعتزلة و الإماميّة الى امتناعها في
الدنيا و الآخرة و قد دلت الآيات الكريمة و البراهين العقليّة و الاخبار المتواترة
عن أهل بيت الرسول صلوات اللّه عليهم على امتناعها مطلقا كما ستعرف و قد أفرد
العلامة المجاهد السيّد عبد الحسين شرف الدين العاملى- رحمه اللّه- كتابا أسماه:(
كلمة حول الرؤية) فجاء- شكر اللّه سعيه- وافيا كما يهواه الحق و يرتضيه الإنصاف و
نحن نذكر منه بعض الأدلة العقليّة:
منها: أن كل من استضاء بنور العقل يعلم أن الرؤية البصرية لا
يمكن وقوعها و لا تصورها إلّا أن يكون المرئى في جهة و مكان و مسافة خاصّة بينه و
بين رائيه؛ و لا بدّ أن يكون مقابلا لعين الرائى و كل ذلك ممتنع على اللّه تعالى
مستحيل باجماع أهل التنزيه من الأشاعرة و غيرهم.
و منها: ان الرؤية التي يقول الأشاعرة بامكانها و وقوعها اما
ان تقع على اللّه كله فيكون مركبا محدودا متناهيا محصورا يشغل فراغ الناحية المرئى
فيها فتخلو منه بقية النواحي و اما أن تقع على بعضه فيكون مبعضا مركبا متحيزا و كل
ذلك ممّا يمنعه و يبرأ منه أهل التنزيه من الأشاعرة و غيرهم،
و منها: ان كل مرئى بجارحة العين مشار إليه بحدقتها و أهل
التنزيه من الأشاعرة و غيرهم ينزهون اللّه تعالى عن أن يشار إليه بحدقة كما
ينزهونه عن الإشارة إليه بإصبع أو غيرها.
و منها: أن الرؤية بالعين الباصرة لا تكون في حيز الممكنات ما
لم تتصل اشعة البصر بالمرئى و منزهو اللّه تعالى من الأشاعرة و غيرهم مجمعون على
امتناع اتصال شيء ما بذاته جل و علا.
و منها: ان الاستقرار يشهد أن كل متصور لا بدّ أن يكون اما
محسوسا أو متخيلا من أشياء محسوسة؛ أو قائما في نفس المتصور بفطرته التي فطر عليها
فالاول كالاجرام و ألوانها المحسوسة بالبصر و كالحلاوة و المرارة و نحوهما من
المحسوسة بالذائقة؛ و الثاني كقول القائل:
أعلام ياقوت نشرن على رماح من زبرجد
و نحوه ممّا تدركه المخيلة مركبا من عدة اشياء أدركه البصر؛ و
الثالث: كالالم و اللذة و الراحة و العناء و السرور و الحزن و نحوها ممّا يدركه
الإنسان من نفسه بفطرته؛
و حيث ان اللّه سبحانه متعال عن هذا كله لم يكن تصوره ممكنا.
[2]« يعقوب بن إسحاق» ظن أصحاب الرجال انه هو ابن السكيت و
الظاهر أنّه غيره لان ابن السكيت قتله المتوكل في زمان الهادى و لم يدرك أبا محمّد
العسكريّ( ع).( آت)
نام کتاب : الكافي- ط الاسلامية نویسنده : الشيخ الكليني جلد : 1 صفحه : 95