فَقَالَ لَهَا هَاتِ الَّتِي أَوْدَعَكِ أَبِي فَصَرَخَتْ وَ لَطَمَتْ وَجْهَهَا وَ شَقَّتْ جَيْبَهَا وَ قَالَتْ مَاتَ وَ اللَّهِ سَيِّدِي فَكَفَّهَا وَ قَالَ لَهَا لَا تَكَلَّمِي بِشَيْءٍ وَ لَا تُظْهِرِيهِ حَتَّى يَجِيءَ الْخَبَرُ إِلَى الْوَالِي فَأَخْرَجَتْ إِلَيْهِ سَفَطاً وَ أَلْفَيْ دِينَارٍ أَوْ أَرْبَعَةَ آلَافِ دِينَارٍ فَدَفَعَتْ ذَلِكَ أَجْمَعَ إِلَيْهِ دُونَ غَيْرِهِ وَ قَالَتْ إِنَّهُ قَالَ لِي فِيمَا بَيْنِي وَ بَيْنَهُ وَ كَانَتْ أَثِيرَةً[1] عِنْدَهُ احْتَفِظِي بِهَذِهِ الْوَدِيعَةِ عِنْدَكِ لَا تُطْلِعِي عَلَيْهَا أَحَداً حَتَّى أَمُوتَ فَإِذَا مَضَيْتُ فَمَنْ أَتَاكِ مِنْ وُلْدِي فَطَلَبَهَا مِنْكِ فَادْفَعِيهَا إِلَيْهِ وَ اعْلَمِي أَنِّي قَدْ مِتُّ وَ قَدْ جَاءَنِي وَ اللَّهِ عَلَامَةُ سَيِّدِي فَقَبَضَ ذَلِكَ مِنْهَا وَ أَمَرَهُمْ بِالْإِمْسَاكِ جَمِيعاً إِلَى أَنْ وَرَدَ الْخَبَرُ وَ انْصَرَفَ فَلَمْ يَعُدْ لِشَيْءٍ مِنَ الْمَبِيتِ كَمَا كَانَ يَفْعَلُ فَمَا لَبِثْنَا إِلَّا أَيَّاماً يَسِيرَةً حَتَّى جَاءَتِ الْخَرِيطَةُ بِنَعْيِهِ فَعَدَدْنَا الْأَيَّامَ وَ تَفَقَّدْنَا الْوَقْتَ فَإِذَا هُوَ قَدْ مَاتَ فِي الْوَقْتِ الَّذِي فَعَلَ أَبُو الْحَسَنِ ع مَا فَعَلَ مِنْ تَخَلُّفِهِ عَنِ الْمَبِيتِ وَ قَبْضِهِ لِمَا قَبَضَ.
بَابُ حَالاتِ الْأَئِمَّةِ ع فِي السِّنِ
1- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ يَزِيدَ الْكُنَاسِيِّ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ ع أَ كَانَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ ع حِينَ تَكَلَّمَ فِي الْمَهْدِ حُجَّةَ اللَّهِ عَلَى أَهْلِ زَمَانِهِ فَقَالَ كَانَ يَوْمَئِذٍ نَبِيّاً حُجَّةَ اللَّهِ غَيْرَ مُرْسَلٍ أَ مَا تَسْمَعُ لِقَوْلِهِ حِينَ قَالَ- إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَ جَعَلَنِي نَبِيًّا. وَ جَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ وَ أَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَ الزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا[2] قُلْتُ فَكَانَ يَوْمَئِذٍ حُجَّةً لِلَّهِ عَلَى زَكَرِيَّا فِي تِلْكَ الْحَالِ وَ هُوَ فِي الْمَهْدِ فَقَالَ كَانَ عِيسَى فِي تِلْكَ الْحَالِ آيَةً لِلنَّاسِ وَ رَحْمَةً مِنَ اللَّهِ لِمَرْيَمَ حِينَ تَكَلَّمَ فَعَبَّرَ عَنْهَا وَ كَانَ نَبِيّاً حُجَّةً عَلَى مَنْ سَمِعَ كَلَامَهُ فِي تِلْكَ الْحَالِ ثُمَّ صَمَتَ فَلَمْ يَتَكَلَّمْ حَتَّى مَضَتْ لَهُ سَنَتَانِ وَ كَانَ زَكَرِيَّا الْحُجَّةَ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى النَّاسِ بَعْدَ صَمْتِ عِيسَى بِسَنَتَيْنِ ثُمَّ مَاتَ زَكَرِيَّا فَوَرِثَهُ ابْنُهُ يَحْيَى الْكِتَابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ هُوَ صَبِيٌّ صَغِيرٌ أَ مَا تَسْمَعُ لِقَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ- يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ وَ آتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا[3] فَلَمَّا بَلَغَ عِيسَى ع سَبْعَ سِنِينَ تَكَلَّمَ بِالنُّبُوَّةِ وَ الرِّسَالَةِ حِينَ أَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ فَكَانَ عِيسَى الْحُجَّةَ عَلَى يَحْيَى وَ عَلَى
[1] أي محبوبة مختارة.
[2] مريم 31.
[3] مريم 13.