أَقْبَلَ عَلَى ابْنِهِ الْحَسَنِ فَقَالَ يَا بُنَيَّ أَنْتَ وَلِيُّ الْأَمْرِ وَ وَلِيُّ الدَّمِ فَإِنْ عَفَوْتَ فَلَكَ وَ إِنْ قَتَلْتَ فَضَرْبَةٌ مَكَانَ ضَرْبَةٍ وَ لَا تَأْثَمْ.
6- الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ الْحَسَنِيُّ رَفَعَهُ وَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ الْأَحْمَرِيِّ رَفَعَهُ قَالَ: لَمَّا ضُرِبَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع حَفَّ بِهِ الْعُوَّادُ وَ قِيلَ لَهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَوْصِ فَقَالَ اثْنُوا لِي وِسَادَةً ثُمَّ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ حَقَّ قَدْرِهِ مُتَّبِعِينَ أَمْرَهُ وَ أَحْمَدُهُ كَمَا أَحَبَّ وَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْأَحَدُ الصَّمَدُ كَمَا انْتَسَبَ[1] أَيُّهَا النَّاسُ كُلُّ امْرِئٍ لَاقٍ فِي فِرَارِهِ مَا مِنْهُ يَفِرُّ وَ الْأَجَلُ مَسَاقُ النَّفْسِ إِلَيْهِ وَ الْهَرَبَ مِنْهُ مُوَافَاتُهُ كَمْ أَطْرَدْتُ الْأَيَّامَ أَبْحَثُهَا عَنْ مَكْنُونِ هَذَا الْأَمْرِ فَأَبَى اللَّهُ عَزَّ ذِكْرُهُ إِلَّا إِخْفَاءَهُ هَيْهَاتَ عِلْمٌ مَكْنُونٌ أَمَّا وَصِيَّتِي فَأَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ شَيْئاً وَ مُحَمَّداً ص فَلَا تُضَيِّعُوا سُنَّتَهُ أَقِيمُوا هَذَيْنِ الْعَمُودَيْنِ وَ أَوْقِدُوا هَذَيْنِ الْمِصْبَاحَيْنِ وَ خَلَاكُمْ ذَمٌ[2] مَا لَمْ تَشْرُدُوا حُمِّلَ كُلُّ امْرِئٍ مَجْهُودَهُ وَ خُفِّفَ عَنِ الْجَهَلَةِ رَبٌّ رَحِيمٌ وَ إِمَامٌ عَلِيمٌ وَ دِينٌ قَوِيمٌ أَنَا بِالْأَمْسِ صَاحِبُكُمْ وَ أَنَا الْيَوْمَ عِبْرَةٌ لَكُمْ وَ غَداً مُفَارِقُكُمْ إِنْ تَثْبُتِ الْوَطْأَةُ فِي هَذِهِ الْمَزَلَّةِ[3] فَذَاكَ الْمُرَادُ وَ إِنْ تَدْحَضِ الْقَدَمُ فَإِنَّا كُنَّا فِي أَفْيَاءِ أَغْصَانٍ وَ ذَرَى رِيَاحٍ وَ تَحْتَ ظِلِّ غَمَامَةٍ اضْمَحَلَّ فِي الْجَوِّ مُتَلَفِّقُهَا[4] وَ عَفَا فِي الْأَرْضِ مَحَطُّهَا وَ إِنَّمَا كُنْتُ جَاراً جَاوَرَكُمْ بَدَنِي أَيَّاماً وَ سَتُعْقَبُونَ مِنِّي جُثَّةً خَلَاءً سَاكِنَةً بَعْدَ حَرَكَةٍ وَ كَاظِمَةً بَعْدَ نُطْقٍ لِيَعِظَكُمْ هُدُوِّي وَ خُفُوتُ إِطْرَاقِي وَ سُكُونُ أَطْرَافِي فَإِنَّهُ أَوْعَظُ لَكُمْ مِنَ النَّاطِقِ الْبَلِيغِ وَدَّعْتُكُمْ وَدَاعَ مُرْصِدٍ لِلتَّلَاقِي غَداً تَرَوْنَ أَيَّامِي وَ يَكْشِفُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَنْ سَرَائِرِي وَ تَعْرِفُونِّي بَعْدَ خُلُوِّ مَكَانِي وَ قِيَامِ غَيْرِي مَقَامِي إِنْ أَبْقَ فَأَنَا وَلِيُّ دَمِي وَ إِنْ أَفْنَ فَالْفَنَاءُ مِيعَادِي وَ إِنْ أَعْفُ فَالْعَفْوُ لِي قُرْبَةٌ وَ لَكُمْ حَسَنَةٌ فَاعْفُوا وَ اصْفَحُوا ... أَ لا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ فَيَا لَهَا حَسْرَةً عَلَى كُلِّ ذِي غَفْلَةٍ أَنْ يَكُونَ عُمُرُهُ عَلَيْهِ حُجَّةً أَوْ تُؤَدِّيَهُ أَيَّامُهُ إِلَى شِقْوَةٍ جَعَلَنَا اللَّهُ وَ إِيَّاكُمْ مِمَّنْ لَا يَقْصُرُ بِهِ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ رَغْبَةٌ أَوْ تَحُلُّ بِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ نَقِمَةٌ فَإِنَّمَا نَحْنُ لَهُ
[1] أي انتسب نفسه في سورة التوحيد
[2] أي ليس عليكم ذم، ما لم تشردوا و تتفرقوا عن الحق.
[3] كناية عن السلامة و البراءة من الجراحة.
[4] يعني المتراكم من الغمام.