[1] مسألة أن« الهداية للّه و ليس للناس فيها صنع» مما ثبتت
بالنقل و العقل و إن كان مستبعدا في بادئ النظر جدا، فاستمع لما يتلى:
المعارف الإلهيّة العالية كالتوحيد و النبوّة و الإمامة و
نظائرها ممّا لا يكفى فيها مجرد العلم و اليقين كما قال تعالى:«
جَحَدُوا بِها وَ اسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ- الآية-» و
قال تعالى:« وَ أَضَلَّهُ اللَّهُ عَلى عِلْمٍ- الآية-» بل
يحتاج مع العلم النظرى إلى الايمان بها و هو مطاوعة نفسانية و انفعال قلبى خاصّ
يوجب الجريان في الجملة بالاعمال المناسبة للعلم المفروض و كما أن العلوم النظرية
معلولة للانظار و الأفكار الصحيحة المنتجة، كذلك هذا الاذعان و القبول القلبى
معلول لملكات أو أحوال قلبية مناسبة له فلا يمكن للبخيل الذي فيه ملكة راسخة من
البخل أن يؤمن بحسن السخاء و بذل المال إلّا إذا حصل-- في نفسه من جهة حسن التربية
و تراكم العمل حالة الانقياد و القبول بحسن السخاء و الجود بزوال الصورة المباينة
من البخل فالاستدلال للحق إنّما يوجب ظهوره على من كان صحيح النظر و أمّا إيمانه
به و انقياده له فله سبب تكوينى هو حصول الحالة او الملكة النفسانية الملائمة
لحصوله و ليس مستندا إلى اختيار الإنسان حتّى يوجد في نفسه أو في نفس غيره
الانقياد و الايمان بالحق من دون سببه التكوينى و هو الهيئة النفسانية المذكورة،
فثبت أن للايمان و الاهتداء و غير ذلك سببا تكوينيا غير إرادة الإنسان و اختياره و
هو مجموع النظر الصحيح و الهيئة النفسانية الملائمة الغير المنافية للحق، فهو
منسوب إلى اللّه سبحانه دون اختيار الإنسان على حدّ ساير الأمور التكوينية
المنسوبة إليه تعالى.
و لذلك كانت الروايات تنسب الإيمان و الكفر و الهداية و
الضلال إلى اللّه سبحانه و تنفى كونها باختيار الإنسان و تنهى عن الاصرار في
القبول و المراء و الجدال في الدعوة إلى الحق كما يدلّ عليه قوله في رواية عقبة
الآتية:« و لا تخاصموا الناس لدينكم فان المخاصمة ممرضة للقلب» الحديث فانها تثير
عوامل العصبيّة و الآباء عن الحق و أمّا ما ورد في الكتاب و السنة من الاوامر بحسن
التربية و الحث على التبليغ و الانذار و الدعوة و التذكرة فانها مقربات للإنسان من
الايمان و الطاعة و ليست بموجبة و لا ملزمة و بالتأمل فيما ذكرناه يظهر معنى
روايات الباب و اللّه الهادى.( الطباطبائى)
نام کتاب : الكافي- ط الاسلامية نویسنده : الشيخ الكليني جلد : 1 صفحه : 165