[1] طه: 5 و قال العلّامة المجلسيّ( ره) اعلم أن الاستواء يطلق
على معان: الأول: الاستقرار و التمكن على الشى، الثاني: قصد الشيء و الاقبال إليه.
الثالث: الاستيلاء على الشيء قال الشاعر:
قد استوى بشر على العراق* من غير سيف و دم مهراق. الرابع:
الاعتدال يقال سويت الشيء فاستوى. الخامس: المساواة في النسبة، فأما المعنى الأول
فيستحيل على اللّه تعالى لما ثبت بالبراهين العقليّة و النقلية من استحالة كونه
تعالى مكانيا فمن المفسرين من حمل الاستواء في هذه الآية على الثاني أي أقبل على
خلقه و قصد الى ذلك و قد ورد أنّه سئل أبو العباس أحمد بن يحيى عن هذه الآية فقال:
الاستواء الاقبال على الشيء و نحو هذا قال الفراء و الزجاج في قوله عزّ و جلّ: ثُمَّ
اسْتَوى إِلَى السَّماءِ* و الاكثرون منهم حملوها على الثالث أي استولى عليه و ملكه و دبره،
قال الزمخشريّ:
« لما كان الاستواء على العرش و هو سرير الملك لا يحصل إلّا
مع الملك جعلوه كناية عن الملك فقالوا استوى فلان على السرير يريدون ملكه و ان لم
يقعد البتة و انما عبروا عن حصول الملك بذلك لانه أصرح و أقوى في الدلالة من أن
يقال: فلان ملك و نجوه قولك: يد فلان مبسوطة و يد فلان مغلولة بمعنى أنه جواد أو
بخيل لا فرق بين العبارتين الا فيما قلت حتّى ان من لم يبسط يده قط بالنوال او لم
يكن له يد رأسا و هو جواد قيل فيه يده مبسوطة لانه لا فرق عندهم بينه و بين قولهم
جواد» انتهى. و يحتمل أن يكون المراد المعنى الرابع بأن يكون كناية عن نفى النقص
عنه تعالى من جميع الوجوه فيكون قوله تعالى: عَلَى
الْعَرْشِ حالا و لكنه بعيد. و أمّا المعنى الخامس فهو الظاهر مما مر من
الاخبار فاعلم أن العرش قد يطلق على الجسم العظيم الذي أحاط بسائر الجسمانيات و قد
يطلق على جميع المخلوقات و قد يطلق على العلم أيضا كما وردت به الاخبار الكثيرة
فإذا عرفت هذا فاما أن يكون( ع) فسر العرش بمجموع الأشياء و ضمن الاستواء ما يتعدى
بعلى كالاستيلاء و الاستعلاء و الاشراف فالمعنى استوت نسبته إلى كل شيء حالكونه
مستوليا عليها أو فسره بالعلم و يكون متعلق الاستواء مقدرا اي: تساوت نسبته من كل
شيء حالكونه متمكنا على عرش العلم فيكون إشارة إلى بيان نسبته تعالى و انها
بالعلم و الإحاطة، أو المراد بالعرش عرش العظمة و الجلال و القدرة كما فسر بها
أيضا في بعض الأخبار اي-- استوى من كل شيء مع كونه في غاية العظمة و متمكنا على
عرش التقدس و الجلالة و الحاصل أن علو قدره ليس مانعا في دنوه بالحفظ و التربية و
الإحاطة و كذا العكس و على التقادير فقوله: استوى خبر و قوله: على العرش حال و
يحتمل أن يكونا خبرين على بعض التقادير و لا يبعد على الاحتمال الأول جعل قوله:
على العرش متعلقا بالاستواء بان تكون كلمة على بمعنى إلى و يحتمل على تقدير حمل
العرش على العلم أن يكون قوله: على العرش خبرا و قوله: استوى حالا عن العرش و لكنه
بعيد و على التقادير يمكن أن يقال: أن النكتة في ايراد الرحمن بيان ان رحمانيته
توجب استواء نسبته ايجادا و حفظا و تربية و علما إلى الجميع بخلاف الرحيمية، فانها
تقتضى افاضة الهدايات الخاصّة على المؤمنين فقط و كذا كثير من أسمائه الحسنى تخص
جماعة و يؤيد بعض الوجوه التي ذكرنا ما ذكره الصدوق( ره) في كتاب العقائد حيث قال:
اعتقادنا في العرش أنّه جملة جميع الخلق و العرش في وجه آخر هو العلم و سئل الصادق
عليه السلام عن قول اللّه عزّ و جلّ:« الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ
اسْتَوى» فقال: استوى من كل شيء فليس شيء أقرب إليه من شيء
نام کتاب : الكافي- ط الاسلامية نویسنده : الشيخ الكليني جلد : 1 صفحه : 127