قَالَ جَابِرٌ فَقُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ ع جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّكَ حَمَّلْتَنِي وِقْراً عَظِيماً بِمَا حَدَّثْتَنِي بِهِ مِنْ سِرِّكُمُ الَّذِي لَا أُحَدِّثُ بِهِ أَحَداً وَ رُبَّمَا جَاشَ فِي صَدْرِي حَتَّى يَأْخُذَنِي مِنْهُ شِبْهُ الْجُنُونِ قَالَ يَا جَابِرُ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَاخْرُجْ إِلَى الْجَبَّانِ فَاحْفِرْ حَفِيرَةً وَ دَلِّ رَأْسَكَ فِيهَا ثُمَّ قُلْ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ بِكَذَا وَ كَذَا[1].
مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الصَّفَّارِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ النَّضْرِ الْخَزَّازِ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: زَامَلْتُ جَابِرَ بْنَ يَزِيدَ الْجُعْفِيَّ إِلَى الْحَجِّ فَلَمَّا خَرَجْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ ذَهَبَ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ ع فَوَدَّعَهُ ثُمَّ خَرَجْنَا فَمَا زِلْنَا حَتَّى نَزَلْنَا الْأُخَيْرِجَةَ[2] فَلَمَّا صَلَّيْنَا الْأُولَى وَ رَحَلْنَا وَ اسْتَوَيْنَا فِي الْمَحْمِلِ إِذاً دَخَلَ رَجُلٌ طُوَالٌ آدَمُ شَدِيدُ الْأُدْمَةِ وَ مَعَهُ كِتَابٌ طِينُهُ رَطْبٌ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَاقِرِ ع إِلَى جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ الْجُعْفِيِّ فَتَنَاوَلَهُ جَابِرٌ وَ أَخَذَهُ وَ قَبَّلَهُ ثُمَّ قَالَ مَتَى عَهْدُكَ بِسَيِّدِي قَبْلَ الصَّلَاةِ أَوْ بَعْدَ الصَّلَاةِ قَالَ بَعْدَ الصَّلَاةِ السَّاعَةَ قَالَ فَفَكَّ الْكِتَابَ وَ أَقْبَلَ يَقْرَؤُهُ وَ يُقَطِّبُ[3] وَجْهَهُ فَمَا ضَحِكَ وَ لَا تَبَسَّمَ حَتَّى وَافَيْنَا الْكُوفَةَ وَ قَدْ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ يَضْحَكُ وَ يَتَبَسَّمُ وَ يُحَدِّثُ فَلَمَّا نَزَلْنَا الْكُوفَةَ دَخَلَ الْبَيْتَ فَأَبْطَأَ سَاعَةً ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْنَا قَدْ عَلَّقَ الْكِتَابَ فِي عُنُقِهِ وَ رَكِبَ الْقَصَبَ وَ دَارَ فِي أَزِقَّةِ الْكُوفَةِ وَ هُوَ يَقُولُ مَنْصُورُ بْنُ جُمْهُورٍ أَمِيرٌ غَيْرُ مَأْمُورٍ[4] وَ نَحْوَ هَذَا مِنَ الْكَلَامِ وَ أَقْبَلَ يَدُورُ فِي أَزِقَّةِ الْكُوفَةِ وَ النَّاسُ يَقُولُونَ جُنَّ جَابِرٌ جُنَّ جَابِرٌ فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَرَدَ كِتَابُ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ عَلَى يُوسُفَ بْنِ عُثْمَانَ بِأَنِ انْظُرْ رَجُلًا مِنْ جُعْفٍ يُقَالُ لَهُ جَابِرُ بْنُ يَزِيدَ فَاضْرِبْ عُنُقَهُ وَ ابْعَثْ إِلَيَّ بِرَأْسِهِ فَلَمَّا قَرَأَ يُوسُفُ بْنُ عُثْمَانَ الْكِتَابَ الْتَفَتَ إِلَى جُلَسَائِهِ فَقَالَ مَنْ جَابِرُ بْنُ يَزِيدَ فَقَدْ أَتَانِي مِنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ يَأْمُرُنِي بِضَرْبِ عُنُقِهِ وَ أَنْ أَبْعَثَ إِلَيْهِ بِرَأْسِهِ فَقَالُوا أَصْلَحَ اللَّهُ الْأَمِيرَ هَذَا رَجُلٌ عَلَّامَةٌ صَاحِبُ حَدِيثٍ وَ وَرَعٍ وَ زُهْدٍ وَ إِنَّهُ جُنَّ وَ خُولِطَ فِي عَقْلِهِ وَ هَا هُوَ ذَا فِي الرَّحْبَةِ يَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ فَكَتَبَ إِلَى هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ إِنَّكَ كَتَبْتَ إِلَيَّ فِي أَمْرِ هَذَا الرَّجُلِ الْجُعْفِيِّ وَ إِنَّهُ جُنَّ فَكَتَبَ إِلَيْهِ دَعْهُ قَالَ فَمَا مَضَتِ الْأَيَّامُ حَتَّى جَاءَ
[1] رواه الكشّيّ في رجاله ص 128 و في البحار ج 11 ص 97 عن الكتاب.
[2] اسم موضع في طريق مكّة إلى المدينة.
[3] أي يفيض وجهه.
[4] كان واليا بالمدينة من قبل يزيد بن الوليد بعد عزل يوسف بن عمر سنة 126.