باب صفة النار
سَعِيدُ بْنُ جَنَاحٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَوْفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَزْدِيُّ عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ الْجُعْفِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: إِذَا أَرَادَ اللَّهُ قَبْضَ رُوحِ الْكَافِرِ قَالَ يَا مَلَكَ الْمَوْتِ انْطَلِقْ أَنْتَ وَ أَعْوَانُكَ إِلَى عَدُوِّي فَإِنِّي قَدِ ابْتَلَيْتُهُ فَأَحْسَنْتُ الْبَلَاءَ وَ دَعَوْتُهُ إِلَى دَارِ السَّلَامِ فَأَبَى إِلَّا أَنْ يَشْتِمَنِي وَ كَفَرَ بِي وَ بِنِعْمَتِي وَ شَتَمَنِي عَلَى عَرْشِي فَاقْبِضْ رُوحَهُ حَتَّى تَكُبَّهُ فِي النَّارِ قَالَ فَيَجِيئُهُ مَلَكُ الْمَوْتِ بِوَجْهٍ كَرِيهٍ كَالِحٍ عَيْنَاهُ كَالْبَرْقِ الْخَاطِفِ وَ صَوْتُهُ كَالرَّعْدِ الْقَاصِفِ لَوْنُهُ كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ نَفَسُهُ كَلَهَبِ النَّارِ رَأْسُهُ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا وَ رِجْلٌ فِي الْمَشْرِقِ وَ رِجْلٌ فِي الْمَغْرِبِ وَ قَدَمَاهُ فِي الْهَوَاءِ مَعَهُ سَفُّودٌ[1] كَثِيرُ الشُّعَبِ مَعَهُ خَمْسُمِائَةِ مَلَكٍ مَعَهُمْ سِيَاطٌ مِنْ قَلْبِ جَهَنَّمَ تَلْتَهِبُ تِلْكَ السِّيَاطُ وَ هِيَ مِنْ لَهَبِ جَهَنَّمَ وَ مَعَهُمْ مِسْحٌ أَسْوَدُ وَ جَمْرَةٌ مِنْ جَمْرِ جَهَنَّمَ ثُمَّ يَدْخُلُ عَلَيْهِ مَلَكٌ مِنْ خُزَّانِ جَهَنَّمَ يُقَالُ لَهُ سَحْقَطَائِيلُ فَيَسْقِيهِ شَرْبَةً مِنَ النَّارِ لَا يَزَالُ مِنْهَا عَطْشَاناً حَتَّى يَدْخُلَ النَّارَ فَإِذَا نَظَرَ إِلَى مَلَكِ الْمَوْتِ شَخَصَ بَصَرُهُ وَ طَارَ عَقْلُهُ قَالَ يَا مَلَكَ الْمَوْتِ ارْجِعُونِ قَالَ فَيَقُولُ مَلَكُ الْمَوْتِ كَلَّا إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها قَالَ فَيَقُولُ يَا مَلَكَ الْمَوْتِ فَإِلَى مَنْ أَدَعُ مَالِي وَ أَهْلِي وَ وُلْدِي وَ عَشِيرَتِي وَ مَا كُنْتُ فِيهِ مِنَ الدُّنْيَا فَيَقُولُ دَعْهُمْ لِغَيْرِكَ وَ اخْرُجْ إِلَى النَّارِ وَ قَالَ فَيَضْرِبُهُ بِالسَّفُّودِ ضَرْبَةً فَلَا يَبْقَى مِنْهُ شُعْبَةٌ إِلَّا أَنْشَبَهَا فِي كُلِّ عِرْقٍ[2] وَ مَفْصِلٍ ثُمَّ يَجْذِبُهُ جَذْبَةً فَيَسُلُّ رُوحَهُ مِنْ قَدَمَيْهِ بَسْطاً فَإِذَا بَلَغَتِ الرُّكْبَتَيْنِ أَمَرَ أَعْوَانَهُ فَأَكَبُّوا عَلَيْهِ بِالسِّيَاطِ ضَرْباً ثُمَّ يَرْفَعُهُ عَنْهُ فَيُذِيقُهُ سَكَرَاتِهِ وَ غَمَرَاتِهِ قَبْلَ خُرُوجِهَا كَأَنَّمَا ضَرَبَ بِأَلْفِ سَيْفٍ فَلَوْ كَانَ لَهُ قُوَّةُ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ لَاشْتَكَى كُلُّ عِرْقٍ مِنْهُ عَلَى حِيَالِهِ بِمَنْزِلَةِ سَفُّودٍ كَثِيرِ الشُّعَبِ أُلْقِيَ عَلَى صُوفٍ مُبْتَلٍّ ثُمَّ يُطَوِّقُهُ[3] فَلَمْ يَأْتِ عَلَى شَيْءٍ إِلَّا انْتَزَعَهُ كَذَلِكَ خُرُوجُ نَفْسِ الْكَافِرِ مِنْ عِرْقٍ وَ عُضْوٍ وَ مَفْصِلٍ وَ شَعْرَةٍ فَ إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ ضَرَبَتِ الْمَلَائِكَةُ وَجْهَهُ وَ دُبُرَهُ وَ قِيلَ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَ كُنْتُمْ عَنْ آياتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْرى
[1] السفود- بالفتح و تشديد الفاء-: حديدة يشوى بها اللحم.
[2] أنشب في كذا أي علقه و أعلقه، و منه أنشب البازى مخاليبه.
[3] لعل الصحيح« يدار فيه».