بَتْلَةً[1] إِلَى أَنْ يَرِثَ اللَّهُ الْأَرْضَ وَ مَنْ عَلَيْها لِيَصْرِفَ النَّارَ عَنْ وَجْهِهِ وَ يَصْرِفَ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ لَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ أَنْ يَأْخُذُوا مِنْ نَبَاتِ نَخْلَةٍ وَاحِدَةٍ حَتَّى يُطْبَقَ كُلُّ مَا سَاخَ عَلَيْهِ مَاؤُهُ.
قَالَ ابْنُ دَأْبٍ فَكَانَ يَحْمِلُ الْوَسْقَ فِيهِ ثَلَاثُمِائَةِ أَلْفِ نَوَاةٍ فَيُقَالُ لَهُ مَا هَذَا فَيَقُولُ ثَلَاثُمِائَةِ أَلْفِ نَخْلَةٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَيَغْرِسُ النَّوَى كُلَّهَا فَلَا تَذْهَبُ مِنْهُ نَوَاةٌ يَنْبُعُ وَ أَعَاجِيبُهَا.[2] ثُمَّ تَرْكُ الْوَهْنِ وَ الِاسْتِكَانَةِ إِنَّهُ انْصَرَفَ مِنْ أَحَدٍ وَ بِهِ ثَمَانُونَ جِرَاحَةً يَدْخُلُ الْفَتَائِلُ مِنْ مَوْضِعٍ وَ يَخْرُجُ مِنْ مَوْضِعٍ فَدَخَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ص عَائِداً وَ هُوَ مِثْلُ الْمُضْغَةِ عَلَى نَطْعٍ[3] فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ ص بَكَى فَقَالَ لَهُ إِنَّ رَجُلًا يُصِيبُهُ هَذَا فِي اللَّهِ لَحَقٌّ عَلَى اللَّهِ أَنْ يَفْعَلَ بِهِ وَ يَفْعَلَ فَقَالَ مُجِيباً لَهُ وَ بَكَى بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَرَنِي وَلَّيْتُ عَنْكَ وَ لَا فَرَرْتُ بِأَبِي وَ أُمِّي كَيْفَ حُرِمْتُ الشَّهَادَةَ قَالَ إِنَّهَا مِنْ وَرَائِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ قَدْ أَرْسَلَ مَوْعِدَةُ بَيْنِنَا وَ بَيْنِكُمْ حَمْرَاءَ الْأَسَدِ فَقَالَ بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي وَ اللَّهِ لَوْ حُمِلْتُ عَلَى أَيْدِي الرِّجَالِ مَا تَخَلَّفْتُ عَنْكَ قَالَ فَنَزَلَ الْقُرْآنُ وَ كَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ ما ضَعُفُوا وَ مَا اسْتَكانُوا وَ اللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ[4] وَ نَزَلَتِ الْآيَةُ فِيهِ قَبْلَهَا وَ ما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتاباً مُؤَجَّلًا وَ مَنْ يُرِدْ ثَوابَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَ مَنْ يُرِدْ ثَوابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْها وَ سَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ[5] ثُمَّ تَرْكُ الشِّكَايَةِ فِي أَلَمِ الْجِرَاحَةِ شَكَتِ الْمَرْأَتَانِ[6] إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ص مَا يَلْقَى وَ قَالَتَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ خَشِينَا عَلَيْهِ مِمَّا تَدْخُلُ الْفَتَائِلُ فِي مَوْضِعِ الْجِرَاحَاتِ مِنْ مَوْضِعٍ إِلَى مَوْضِعٍ وَ كِتْمَانُهُ مَا يَجِدُ مِنَ الْأَلَمِ قَالَ فَعُدَّ مَا بِهِ مِنْ أَثَرِ الْجِرَاحَاتِ عِنْدَ خُرُوجِهِ مِنَ الدُّنْيَا فَكَانَتْ
[1] أي قطعيّة بحيث لا خيار و لا عود فيها.
[2] كذا.
[3] النطع- بكسر النون و فتحها و سكون الطاء و محركة و بكسر النون و فتح الطاء-: بساط من الجلد يفرش تحت المحكوم عليه بالعذاب.
[4] آل عمران: 145.
[5] آل عمران: 144.
[6] احداهما نسيبة الجراحة و الأخرى امرأة غيرها تتصديان معالجة الجرحى في الغزوات.