ثُمَّ لَمَّا صَنَعَ بِخَيْبَرَ مَا صَنَعَ مِنْ قَتْلِ مَرْحَبٍ وَ فِرَارِ مَنْ فَرَّ بِهَاقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ يُحِبُّهُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ لَيْسَ بِفَرَّارٍ فَإِخْبَارُهُ أَنَّهُ لَيْسَ بِفَرَّارٍ مُعْرِضاً عَنِ الْقَوْمِ الَّذِينَ فَرُّوا قَبْلَهُ فَافْتَتَحَهَا وَ قَتَلَ مَرْحَباً وَ حَمَلَ بَابَهَا وَحْدَهُ فَلَمْ يُطِقْهُ دُونَ أَرْبَعِينَ رَجُلًا فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ ص فَنَهَضَ مَسْرُوراً فَلَمَّا بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص قَدْ أَقْبَلَ إِلَيْهِ انْكَفَأَ إِلَيْهِ[1] فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص بَلَغَنِي بَلَاؤُكَ فَأَنَا عَنْكَ رَاضٍ فَبَكَى عَلِيٌّ ع عِنْدَ ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص أَمْسِكْ مَا يُبْكِيكَ فَقَالَ وَ مَا لِي لَا أَبْكِي وَ رَسُولُ اللَّهِ عَنِّي رَاضٍ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص إِنَّ اللَّهَ وَ مَلَائِكَتَهُ وَ رَسُولَهُ عَنْكَ رَاضُونَ وَ قَالَ لَهُ لَوْ لَا أَنْ يَقُولَ فِيكَ الطَّوَائِفُ مِنْ أُمَّتِي مَا قَالَتِ النَّصَارَى فِي عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ لَقُلْتُ فِيكَ الْيَوْمَ مَقَالًا لَا تَمُرُّ بِمَلَإٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَلُّوا أَوْ كَثُرُوا إِلَّا أَخَذُوا التُّرَابَ مِنْ تَحْتِ قَدَمَيْكَ يَطْلُبُونَ بِذَلِكَ الْبَرَكَةَ.
ثُمَّ تَرْكُ الْخَدِيعَةِ وَ الْمَكْرِ وَ الْغَدْرِاجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَيْهِ جَمِيعاً فَقَالُوا لَهُ اكْتُبْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى مَنْ خَالَفَكَ بِوَلَايَتِهِ ثُمَّ اعْزِلْهُ[2] فَقَالَ الْمَكْرُ وَ الْخَدِيعَةُ وَ الْغَدْرُ فِي النَّارِ ثُمَّ تَرْكُ الْمُثْلَةِ قَالَ لِابْنِهِ الْحَسَنِ ع يَا بُنَيَّ اقْتُلْ قَاتِلِي وَ إِيَّاكَ وَ الْمُثْلَةَ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص كَرِهَهَا وَ لَوْ بِالْكَلْبِ الْعَقُورِ ثُمَّ الرَّغْبَةُ بِالْقُرْبَةِ إِلَى اللَّهِ بِالصَّدَقَةِ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص يَا عَلِيُّ مَا عَمِلْتَ فِي لَيْلَتِكَ قَالَ وَ لِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ نَزَلَتْ فِيكَ أَرْبَعَةُ مَعَالِيَ قَالَ بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي كَانَتْ مَعِي أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ فَتَصَدَّقْتُ بِدِرْهَمٍ لَيْلًا وَ بِدِرْهَمٍ نَهَاراً وَ بِدِرْهَمٍ سِرّاً وَ بِدِرْهَمٍ عَلَانِيَةً قَالَ فَإِنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ فِيكَ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَ النَّهارِ سِرًّا وَ عَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ[3] ثُمَّ قَالَ لَهُ فَهَلْ عَمِلْتَ شَيْئاً غَيْرَ هَذَا فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَنْزَلَ عَلَيَّ سَبْعَ عَشْرَةَ آيَةً يَتْلُو بَعْضُهَا بَعْضاً مِنْ قَوْلِهِ إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً إِلَى قَوْلِهِ إِنَّ هذا كانَ لَكُمْ جَزاءً وَ كانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً قَوْلِهِ
[1] انكفأ إلى كذا اي مال إليه.
[2] يعنون معاوية بن أبي سفيان.
[3] البقرة: 273.