إشغالاً للمكان. وإما لانصراف التحديد في النصوص إلى الأولوية عند عدم إشغال له، كما هو مورد مرسل ابن بزيع، لأن وضوح الأولوية مع فعلية الإشغال مغن عن السؤال والبيان بالإضافة إليه.
وبذلك يكون المحصل: أن من سبق إلى مكان فهو أحق به إلى الليل، وليس له تحجيره لليوم اللاحق. نعم إذا لم يفارق المكان وأشغله بنفسه إلى اليوم اللاحق تجدد له الحق في ذلك اليوم إلى الليل، وهكذا.
إذا عرفت هذا فالمناسب الكلام في أمور:
الأول: المعروف بين الأصحاب أنه لابد في بقاء حق السابق للمكان مع مفارقته له من إبقاء رحله فيه مطلقاً أو مع نية العود، وأنه مع عدم إبقائه فيه يسقط حقه. نعم قال في الشرايع: «وقيل: إن قام لتجديد طهارة أو إزالة نجاسة وما أشبهه، لم يبطل حقه»، وفي الجواهر: «ولكن لم نعرف القائل ممن تقدمه. نعم هو للفاضل في التذكرة».
ومن الظاهر أن مقتضى إطلاق معتبر طلحة بقاء الحق، سواءً قام ناوياً للعود أم لا، وسواء ترك رحله أم لا. إلا أنه لا يبعد انصراف الإطلاق المذكور إلى صورة نية العود،
لقرب وروده لبيان عدم جواز المزاحمة للسابق ترجيحاً له على غيره ممن يشترك
معه في كون المكان معداً يشترك فيها الجميع بعد الفراغ عن تعلق الغرض
بإشغال المكان بالوظائف المذكورة، ولذا ينصرف السبق في النصوص للسبق للمكان من أجل الوظائف المذكورة، لا بداع آخر خارج عنها. وذلك يناسب الاختصاص بما إذا كان فراق المكان بنية العود إليه، وقصوره عما إذا كان لقضاء الوطر منه.
ولاسيما بلحاظ سيرة العقلاء والمتشرعة على عدم تجنب المكان عند انصراف صاحبه عنه إذا علم قضاء وطره منه، وبنائهم على عدم استحقاقه الرجوع إليه مع إشغال غيره له بعده، لسقوط حقه بمقتضى مرتكزاتهم العقلائية والمتشرعية، حيث لا مجال مع ذلك للتعويل على الإطلاق المذكور.
ودعوى: أن المتيقن من ذلك ما إذا لم يترك رحله فيه، أما مع ترك رحله فيه