652 المعلم الثانى و المقنن البانى محمد بن طرخان بن اوزلغ ابو نصر الفارابى التركى[1]
الحكيم المشهور صاحب التّصانيف الفائقة فى المنطق و الموسيقى و غيرهما من العلوم، كان كما ذكره ابن خلّكان أكبر فلاسفة المسلمين، و لم يكن فيهم من بلغ رتبته فى فنونه، و الشّيخ الرّئيس أبو علىّ بن سينا بكتبه تخرج و بكلامه انتفع فى تصانيفه قال: و كان رجلا تركيّا ولد و نشأ فى بلده فاراب، ثمّ خرج من بلده و تنقلب به الأسفار حتّى وصل إلى بغداد و هو يعرف اللّسان التّركى و عدّة لغات غير العربى، [فشرع فى اللسان العربى] فتعلّمه و أتقنه غاية الإتقان، ثمّ اشتغلّ بعلوم الحكمة.
و لمّا دخل بغداد كان بها أبو بشر متى بن يونس الحكيم المشهور، و هو شيخ كبير و كان يعلّم النّاس فنّ المنطق، و له إذ ذاك صيت عظيم و شهرة وافية؛ و يجتمع فى حلقته كلّ يوم المئون من المشتغلين بالمنطق؛ و هو يقرأ كتاب أرسطا طاليس فى المنطق و يملى على تلامذته شرحه؛ فكتب عنه فى شرحه سبعين سفرا، و لم يكن فى ذلك الوقت أحد مثله فى فنّه، و كان حسن العبارة فى تأليفه لطيف الإشارة، و كان يستعمل فى تصانيفه البسط و التّذييل حتّى قال بعض علماء هذا الفنّ: ما رأى انّ أبا نصر الفارابى أخذ طريق تفهيم المعانى الجزلة بالألفاظ السّهلة إلّا من أبى بشر يعني المذكور، و كان أبو نصر يحضر حلقته فى غمار تلامذته، فأقام أبو نصر كذلك برهة، ثمّ ارتحل إلي مدينة حرّان و فيها يوحنّا بن خيلان[1] الحكيم النّصرانى فأخذ عنه طرفا من المنطق أيضا
(*) له ترجمة فى: تاريخ ابن العبرى 170، تاريخ الحكماء 277، الذريعة 1: 289، ريحانة الادب 4: 261، العبر 2: 251، عيون الانباء 2: 136، الفهرست 263، الكنى و الالقاب 3: 4، مجالس المؤمنين 2: 179، الوافى بالوفيات 1: 106، وفيات الاعيان 4: 239.