الشّعراء المجيدين، و حدّث عن ابي عمر الدّورى المقرى، و حميد بن مسعدة البصرى و غيرهما و حدّث عنه ابن النّحاس و الخراجى و ابن شاهين و غيرهم، و كان من ندماء المعتضد العبّاسي، و ذكر انّه بات ليلة عنده فى جماعة من ندمائه، ثم خرج من عنده فلمّا كان وقت السّحر، اتاهم خادم له، يقول لهم: امير المؤمنين يقول لكم: ارقت الليلة بعد انصرافكم فقلت:
و لمّا انتبهنا للخيال الّذى سرى
اذ الدّار قفر و المزار بعيد
و قد ارتج علىّ تمامه فمن اجازه بما يوافق غرضي امرت له بجائزة، قال فارتج على الجماعة و كلهم شاعر فاضل، فابتدرت و قلت:
فقلت لعينى: عاودى النّوم و اهجعى
لعلّ خيالا طارقا سيعود
فرجع الخادم إليه ثمّ عاد فقال أمير المؤمنين يقول: قد احسنت، و امر لك بجائزة. و فى الوفيات انّه كان لابى بكر المذكور هرّ يأنس به و كان يدخل ابراج الحمام التى لجيرانه و يأكل فراخها و كثر ذلك منه، فامسكه اربابها فذبحوه، فرثاه بهذه القصيدة [الآتية] و قد قيل إنّه رثى بها عبد اللّه بن المعتز و خشى من المقتدر ان يتظاهر بها، لانّه هو الذّى قتله، فنسبها إلى الهرّ، و عرّض به فى ابيات منها، و كانت بينهما صحبة اكيدة.
و ذكر محمد بن عبد الملك الهمداني فى تاريخه الصغير الذى سماء «المعارف المتأخرة») فى ترجمة الوزير أبى الحسن علىّ بن الفرات ما مثاله: قال الصّاحب أبو القاسم ابن عبّاد: انشدنى ابو الحسن بن أبي بكر العلّاف، و هو الأكول المقدّم فى الأكل فى مجالس الرّؤساء و الملوك، قصائد أبيه أبي بكر فى الهرّ، و قال انّما كنى به عن المحسن بن الفرات يعنى به ولد الوزير المذكور و هي من أحسن الشّعر و أبدعه عددها خمسة و ستّون بيتا و نحن نأتى بمحاسنها، و فيها أبيات مشتملة على حكم فنأتى بها و أوّلها: