و لا رايته إلّا ثالث ثلاثة، أو رابع أربعة، أو خامس خمسة من العرفاء بالباطل و المين و المتصوّفة الذّين خسروا فى الدّارين، و هم الحسن البصرى الذّى قد سبق لك من كلام الفضل بن شاذان انّه كان يلقى كلّ فرق بما يهوون، و يتصنّع للرياسة.
و سفيانهم الثّورى الذّى هو من كبار النّاصبة المرائين فلا اسعد اللّه انفاسه. و الشّيخ عبد القادر الجيلانيّ الذّى لم يعرف منه إلّا المزخرف و الجنون و لم يكشف عنه إلّا فى الجنون فنون، و لا انتهت الخرقة منه فيما يصفون، و ينسبون الى اولياء اللّه لا خوف عليهم و لا هم يحزنون.
و محيي الدّين محمد بن العربيّ الاشبيلى الأندلسىّ الذى هو فى الحقيقة ماحي الدّين
عن المغفر و الدرع فاذا هى عجوز ضعيفة زمنة لا تطيق حمل الدرع و المغفر، فقيل لها: جئت للاستهزاء بالملك و للاستخفاف باهل حضرته (و التلبيس عليهم؟ خذوها فالقوها قدام الفيل لسخفها فالقيت الى الفيل) فهكذا يكون حال المدعين للتصوف فى القيامة، اذا كشف عنهم الغطاء (و افتضحوا على رؤس الاشهاد).
و منهم طائفة ادعت علم المعرفة و مشاهدة الحق، و مجاوزة المقامات و الاحوال و الملازمة فى عين الشهود و الوصول الى القرب و لا يعرف هذه الامور الا بالاسامى و الالفاظ لانه تلقف من ألفاظ الطامات كلمات فهو يرددها و يظن ان ذلك اعلى من علم الاولين و الاخرين، فهو ينظر الى الفقهاء و المفسرين و المحدثين و أصناف العلماء بعين الازراء فضلا عن العوام، حتى ان الفلاح ليترك فلاحته، و الحائك يترك حياكته و يلازمهم أياما معدودة و يتلقف منهم تلك الكلمات المزيفة فيرددها، كانه يتكلم عن الوحى، و يخبر عن سر الاسرار، و يستحقر بذلك جميع العباد و العلماء. فيقول فى العباد انهم اجراء متعبون و يقول فى العلماء انهم بالحديث عن اللّه محجوبون و يدعى لنفسه انه الواصل الى الحق، و انه من المقربين و هو عند اللّه من الفجار المنافقين و عند أرباب القلوب من الحمقى الجاهلين.