189 الشيخ أبو عمرو جميل بن عبد اللّه بن معمر بن صباح القضاعى
الشاعر المشهور أحد عشّاق العرب صاحب بثينة و هو غلام. فلمّا كبر خطبها فردّ عنها. فقال الشعر فيها، و كان يأتيها سرّا و منزلها وادى القرى، و ديوانه مشهور فلا حاجة إلى ذكر شيء منه. ذكره الحافظ ابن عساكر في «تاريخ دمشق» و قال: قيل له:
لو قرأت القرآن كان أعود عليك من الشعر. فقال: هذا أنس بن مالك أخبرنى أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و اله قال: إنّ من الشعر لحكمة، و قدم جميل مصر على عبد العزيز بن مروان ممتدحا له فأذن له، و سمع مدائحه، و أحسن جائزته، و سأله عن حبّه بثينة.
فذكر وجها فوعده في أمرها، و أمره بالمقام، و أمر له بمنزل، و ما يصلحه فما أقام هناك إلّا يسيرا حتّى مات هناك في سنة اثنتين و ثمانين من الهجرة، و لمّا حضرته الوفاة أنشد:
بكر النعى و ما كنى بجميل
و ثوى بمصر ثواء غير قفول
و لقد أجرّ البرد في وادى القرى
نشوان بين مزارع و نخيل
قومى بثينة و أندبى بعويل
و أبكى خليلك دون كلّ خليل
هذا. و قد ذكره السيّد الجزائرى في كتاب «المقامات» فقال في ذيل ترجمة اسم الجليل من الأسماء الحسنى بتقريب ذكر المحبّة الصادقة و آثارها: توعّد الوالى من قبل عبد الملك بن مروان جميلا بالقتل على عشقه بثينة فمضى مستخفيا إلى الشام، و نزل على سيّد من بنى عذره فأحسن مكانه و زيّن سبع بنات له رجاء أن يعلّق بواحدة فيزوّجه بها. فكن يرفعن الخباء إذا أقبل جميل فقطعن لذلك و أنشد:
حلفت لكى ما تعلمينى صادقا
و للصدق خير فى الامور و انجح
لتكليم يوم واحد من بثينة
و رؤيتها عندى ألذّ و أملح
من الدهر لو أخلو بكنّ و إنّما
اعالج قلبا طامحا حيث يطمح
يا عبد الجليل انظر إلى عشّاق المجاز كيف ثبّت أقدامهم على أرض المحبّة، و أنت كلّ يوم في شأن تدعى عشق الخالق، و أنت إلى المخلوقات أعشق أفلا تكون