عن الناحية الوسيعة بين الشام و العراق المشتملة على قرى و مداين كثيرة، و قصبتها الاخرى مدينة حرّان الّتى ينسب إليها ثابت بن قرّة الصابئى، و المدينة الاولى رفيعة البناء وسيعة الرقعة محطّ رجال الركبان. استحدثها زاوين بن يوذاسف الازدهاق على طرف دجلة بالجانب الغربي. لها سور و فصيل و خندق عميق و قهندر و حولها بساتين.
هواها طيّب في الربيع. فأمّا في الصيف فأشبه شيء بالجحيم لأنّ المدينة حجريّة يؤثّر فيها حرارة الصيف، و خريفها كثير الحمّى يكون سنة سليمة، و اخرى موتية، و شتاؤها كالزمهرير. بها أبنية حسنة و قصور طيّبة على طرف دجلة، و في نفس المدينة مشهد جرجيس النبىّ عليه السلام: و في الجانب الشرقى منها تلّ التوبة، و هو الّذى اجتمع فيه قوم يونس عليه السّلام لمّا عاينوا العذاب و تابوا. كذا ذكر فى «تلخيص الآثار».
و فيه أيضا في ترجمة جزيرة بلاد يشتمل على ديار بكر و ربيعة، و إنّما سميّت جزيرة لأنّها بين دجلة و الفرات، و هما يقبلان من بلاد الروم و ينحطّان متسامتين حتّى يصبان في بحر فارس. قصبتها الموصل و الحرّان، و الجزيرة بليدة فوق الموصل يدور دجلة حولها كالهلال و لا سبيل إليها إلّا واحد. من خاصيّة هذه البلاد كثرة الدماميل.
99 القاضى ناصر الدين أحمد بن محمد بن منصور بن أبى القاسم بن مختار بن أبى بكر الجذامى الاسكندرى المالكى
المكنّى بأبى العبّاس بن المنير. قال صاحب «البغية» كان إماما في النحو و الأدب و الاصول و التفسير، و له يد طولى في علم البيان و الإنشاء. سمع من أبيه و ابن رواج و منه أبو حيّان و غيره، و خطب بالإسكندريّة، و درس بالجامع الجيوشي، و غيره و ناب في الحكم بها. ثمّ اشتغل بالقضاء ثمّ صرف و صودر. ثمّ اعيد إليه، و سئل عنه ابن دقيق العميد. فقال: ما يقف في البحث على حدّ، و سأله ابن دقيق العميد عن الحجّة في كون عمل أهل المدينة حجّة. فقال: و هل يتجّه غير هذا؟ و تكلّم كلاما طويلا فلم يتكلّم الشيخ معه. فلمّا خرج سئل عن ترك الكلام معه. فقال: رأيت رجلا لا ينتصف منه إلّا بالإسائة إليه، و فيه يقول العلّامة ابن الحاجب من أبيات: