responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح فصوص الحکم نویسنده : الکاشانی، عبدالرزاق    جلد : 1  صفحه : 61

قوله (و لو أن نوحا جمع لقومه بين الدعوتين لأجابوه) معناه أن نوحا عليه السلام بالغ في التنزيه لإفراطهم في التشبيه، و هم أثبتوا التعدد الأسمائى و احتجبوا بالكثرة عن الوحدة فلو لم يؤاخذهم بالتوحيد الصرف و التنزيه المحض و أثبت التعدد الأسمائى و دعاهم إلى الكثير الواحد و الكثرة الواحدة و ألبس الوحدة صورة الكثرة و جمع بين الدعوة التشبيهية و التنزيهية كما فعل محمد عليه الصلاة و السلام لأجابوه بما ناسب التشبيه من ظواهرهم لألفتهم مع الشرك و بما ناسب التنزيه من بواطنهم، و لكن اقتضى حالهم من التعمق في الشرك القهر بالغيرة الإلهية، فلم يرسل إليهم إلا ليباريهم و لا يداريهم (فدعاهم جهارا) إلى الاسم الظاهر و أحديته القامعة لكثرات الأسماء الداخلة تحته، فلم يجيبوه بظواهرهم لغلبة أحكام الكثرة عليهم و إصرارهم بها (ثم دعاهم إسرارا) إلى اسمه الباطن و أحديته الغامرة لكثرات الأسماء المنسوبة إليه، لعل أرواحهم تقبل دعوتهم بالنور الاستعدادي الأصلي، فلم يرفعوا بذلك رأسا لتوغلهم في الميل إلى الكثرة الظاهرة و بعدهم عن الوحدة الباطنة، و استيلاء أحكام التعينات المظلمة الجرمانية عليها (ثم قال لهم- اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ) الواحد ليستركم بنوره عن هذه الحجب الظلمانية و الهيئات الفاسقة (إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً-) كثير الستر لهذه الذنوب المربوطة، و شكا إلى ربه لبعدهم عن التوحيد و منافاتهم عن حاله (و قال- دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا) إلى الباطن (وَ نَهاراً) إلى الظاهر (فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعائِي إِلَّا فِراراً-) لبعدهم عن التوحيد و نفارهم عما فيه (و ذكر عن قومه أنهم تصامموا عن دعوته) لأنهم فهموا بحكم ما غلب عليهم من الاحتجاب بالكثرة من الاستغفار الستر عما لا يوافقهم و ينافي مقامهم و حالهم و دينهم من التوحيد الذي يدعوهم إليه (لعلمهم بما يجب عليهم من إجابة دعوته) أي لما علموا بحسب اقتضاء حالهم و مقامهم أن إجابة دعوته في مقام التقييد الأسمائى، إنما يجب على هذه الصورة (فعلم العلماء باللّه ما أشار إليه نوح في حق قومه من الثناء عليهم بلسان الذم) فإن العزيز الجليل لما تعزز بجلاله، و أقام أهل الذل و التأخير في مرتبة خير من مراتب جميع الوجود كان هو المانع عن تقدمهم، فيكون العالم باللّه الهادي بهدايته يذمهم بلسان‌

__________________________________________________

(و لو أن نوحا جمع لقومه) أي الذين لم يجيبوا دعوته، إذ الذين أجابوا دعوته لا يحتاج في حقهم إلى الجمع بين الدعوتين (لأجابوه) من كان من شأنه قبول الدعوة لا بمعنى أجابوا كلهم. كما أن رسول الله جمع بين الدعوتين و لم يجب من لا استحقاق له كأبي جهل و أحزابه، فظهر أن الجمع لا يوجب الإجابة مطلقا و لم يفعل نوح ذلك لأنه لم يؤت بجوامع الكلم اه بالى.

(إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً) أي ستارا لمن طلب الستر. فدعاهم بثلاث دعوات: إلى الباطن و هو التنزيه، و إلى الظاهر و هو التشبيه، و إلى الفناء في الله و هو قوله (اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ) و لم يف استعدادهم بقبول الإجابة بلبيك فقبلوا دعوته بالفعل، و إن لم يعرفوا قبولهم و هو فناء وجوداتهم في الله، لذلك أغرقوا بالطوفان (إلا فرارا) أصل الفرار محذوفة من و إلى إذ الفرار حركة لا بد له من البدء و الغاية فكان المعنى في حق الخواص فرارا من وجوداتهم إلى الله، فكان ابتداء الفرار الستر من وجودهم و غاية الحق، فكان مدحا يفهمه العلماء باللّه اه بالى.

نام کتاب : شرح فصوص الحکم نویسنده : الکاشانی، عبدالرزاق    جلد : 1  صفحه : 61
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست