نام کتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد نویسنده : ابن رشد جلد : 1 صفحه : 62
الباب السادس : في نواقض هذه الطهارة وأما نواقض هذه الطهارة ،
فإنهم اتفقوا على أنه ينقضها مينقض الاصل الذي هو الوضوء ، أو الطهر ،
واختلفوا من ذلك في مسألتين : إحداهما هل ينقضها إرادة صلاة أخرى مفروضة
غير المفروضة التي تيمم لها ؟ والمسألة الثانية هل ينقضها وجود الماء أم لا
؟ أما المسألة الاولى : فذهب مالك فيها إلى أن إرادة الصلاة الثانية تنقض
طهارة الاولى ومذهب غيره خلاف ذلك وأصل هذا الخلاف يدوعلى شيئين : أحدهما :
هل في قوله تعالى :
( يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلا الصلاة )
محذوف مقدر : أعني إذا قمتم من النوم ، أو قمتم محدثين أم ليس هنالك
محذوف أصلا ؟ فمن رأى أن لا محذوف هنالك قال : ظاهر الاية وجوب الوضوء ،
أو التيمم عند القيام لكل صلاة ، لكن خصصت السنة من ذلك الوضوء ، فبقي
التيمم على أصله ، لكن لا ينبغي أن يحتج بهذا لمالك ، فإن مالكا يرى أن في
الاية محذوفا على ما رواه عن زيد بن أسلم في موطأه .
وأماالسبب الثاني فهو تكرار الطلب عند دخول وقت كل صلاة ، وهذا هو ألزم لاصول مالك .
أعني أن يحتج له بهذا ، وقد تقدالقول في هذه المسألة ، ومن لم يتكرر
عنده الطلب وقدر في الاية محذوفا لم ير إرادة الصلاة الثانية مما ينقض
التيمم .
وأما المسألة الثانية : فإن الجمهور ذهبوا إلى أن وجود الماء ينقضها
وذهب قوم إلى أن الناقض لها هو الحدث وأصل هذا الخلاف : هل وجود الماء
يرفع استصحاب الطهارة التي كانت بالتراب ، أو يرفع ابتداء الطهارة به ؟ فمن
رأى أنه يرفع ابتداء الطهارة به ، قال : لا ينقضها إلا الحدث ، ومن رأى
أنه يرفع استصحاب الطهارة قال : إنه ينقضها ، فإن حد الناقض هو الرافع
للاستصحاب .
وقد احتج الجمهور لمذهبهم بالحديث الثابت وهو قوله عليه الصلاة
والسلام : جعلت لي الارض مسجدا وطهورا ما لم يجد الماء والحديث محتمل ،
فإنه يمكن أن يقال : إن قوله عليه الصلاة والسلام : ما لم يجد ا لماء يمكن
أن يفهم منه : فإذا وجد الماء انقطعت هذه الطهارة ، وارتفعت ، ويمكن أن
يفهمنه : فإذا وجد الماء لم تصح ابتداء هذه الطهارة ، والاقوى في عضد
الجمهور هو حديث أبي سعيد الخدري ، وفيه أنه عليه الصلاة والسلام قال :
فإذا وجدت الماء فأمسه جلدك فإن الامر محمول عند جمهور المتكلمين على الفور
وإن كان أيضا قد يتطرق إليه الاحتمال المتقدم فتأمل هذا .
وقد حمل الشافعي تسليمه أن وجود الماء يرفع هذه الطهارة أن قال : إن
التيمم ليس رافعا للحدث : أي ليس مفيدا للمتيمم الطهارة الرافعة للحدث ،
وإنما هو مبيح للصلاة فقط مع بقاء الحدث ، وهذا لا معنى له ، فإن الله قد
سماه طهارة ، وقد ذهب
نام کتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد نویسنده : ابن رشد جلد : 1 صفحه : 62