نام کتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد نویسنده : ابن رشد جلد : 1 صفحه : 60
أعني من جهة قياس التيمم على الوضوء وهو بعينه حملهم على أن
عدلوا بلفظ اسم اليد عن الكف الذي هو فيه أظهر إلى الكف والساعد ، ومن زعم
أنه ينطلق عليهما بالسواء وأنه ليس في أحدهما أظهر منه في الثاني فقد أخطأ ،
فإن اليد وإن كانت اسما مشتركا ، فهي في الكف حقيقة ، وفيما فوق الكف مجاز
، وليس كل اسم مشترك هو مجمل ، وإنما المشترك المجمل الذي وضع من أول أمره
مشتركا .
وفي هذا قال الفقهاء : إنه لا يصح الاستدلال به ، ولذلك ما نقول :
إن الصواب هو أن يعتقد أن الفرض إنما هو الكفان فقط ، وذلك أن اسم اليد لا
يخلو أن يكون في الكف أظهر منه في سائر الاجزاء ، أو يكون دلالته على سائر
أجزاء الذراع والعضد بالسواء ، فإن كان أظهر فيجب المصير إليه على ما يجب
المصير إلى الاخذ بالظاهر وإن لم يكن أظهر فيجب المصير إلى الاخذ بالاثر
الثابت ، فأما أن يغلب القياس هاهنا على الاثر فلا معنى له ، ولا أن ترجح
به أيضا أحاديث لم تثبت بعد ، فالقول في هذه المسألة بين من الكتاب والسنة
فتأمله .
وأما من ذهب إلى الاباط ، فإنما ذهب إلى ذلك لانه قد روي في بعض طرق
حديث عمار أنه قال : تيممنا مع رسول الله ( ص ) فمسحنا بوجوهنا وأيدينا
إلى المناكب .
ومن ذهب إلى أن يحمل تلك الاحاديث على الندب وحديث عمار على الوجوب
فهو مذهب حسن إذا كان الجمع أولى من الترجيح عند أهل الكلام الفقهي ، إلا
أن هذا إنما ينبغي أن يصار إليه إن صحت تلك الاحاديث .
المسألة الثانية : اختلف العلماء في عدد الضربات على الصعيد للتيمم ،
فمنهم من قال واحدة ، ومنهم من قال اثنتين ، والذين قالوا اثنتين منهم من
قال : ضربة للوجه وضربة لليدين ، وهم الجمهور وإذا قلت الجمهور ، فالفقهاء
الثلاثة معدودون فيهم : أعني مالكا والشافعي وأبا حنيفة .
ومنهم من قال : ضربتان لكل واحد منهما : أعني لليد ضربتان ، وللوجه ضربتان .
والسبب في اختلافهم : أن الاية مجملة في ذلك ، والاحاديث متعارضة ،
وقياس التيمم على الوضوء في جميع أحواله غير متفق عليه ، والذي في حديث
عمار الثابت من ذلك إنما هو ضربة واحدة للوجه والكفين معا ، لكن ها هنا
أحاديث فيها ضربتان ، فرجح الجمهور هذه الاحاديث لمكان قياس التيمم على
الوضوء .
المسألة الثالثة : اختلف الشافعي مع مالك وأبي حنيفة وغيرهما في
وجوب توصيل التراب إلى أعضاء التيمم فلم ير ذلك أبو حنيفة واجبا ولا مالك
ورأى ذلك الشافعيواجبا .
وسبب اختلافهم الاشتراك الذي في حرف من في قوله تعالى :
﴿ فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه ﴾
وذلك أن من ترد للتبعيض ، وقد ترد لتمييز الجنس ، فمن ذهب إلى أنها
هنا للتبعيض أوجب نقل التراب إلى أعضاء التيمم ، ومن رأى أنها لتمييز
نام کتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد نویسنده : ابن رشد جلد : 1 صفحه : 60