نام کتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد نویسنده : ابن رشد جلد : 1 صفحه : 378
وإلى تحريمها ذهب الشافعي وأشهب وأصحاب مالك وأبو حنيفة ، إلا
أنهم اختلفوا في جنس السباع المحرمة فقال أبو حنيفة : كل ما أكل اللحم فهو
سبع حتى الفيل والضبع ، واليربوع عنده من السباع ، وكذلك السنور ، وقال
الشافعي : يؤكل الضبع والثعلب ، وإنما السباع المحرمة التي تعدو على الناس
كالاسد والنمر والذئب ، وكلا القولين في المذهب ، وجمهورهم على أن القرد لا
يؤكل ولا ينتفع به ، وعند الشافعي أيضا أن الكلب حرام لا ينتفع به ، لانه
فهم من النهي عن سؤره نجاسة عينه .
وسبب اختلافهم : في تحريم لحوم السباع من ذوات الاربع معارضة الكتاب للآثار ، وذلك أن ظاهر قوله :
﴿ قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه ﴾
الآية ، أن ما عدا المذكور في هذه الآية حلال ، وظاهر حديث أبي
ثعلبة الخشني أنه قال : نهى رسول الله ( ص ) عن أكل كل ذي ناب من السباع أن
السباع محرمة .
هكذا رواه البخاري ومسلم .
وأما مالك فما رواه في هذا المعنى من طريق أبي هريرة هو أبين في
المعارضة وهو أن رسول الله ( ص ) قال : أكل كل ذي ناب من السباع حرام وذلك
أن الحديث الاول قد يمكن الجمع بينه وبين الآية بأن يحمل النهي المذكور فيه
عل الكراهية .
وأما حديث أبي هريرة فليس يمكن الجمع بينه وبين الآية إلا أن يعتقد
أنه ناسخ للآية عند من رأى أن الزيادة نسخ وأن القرآن ينسخ بالسنة
المتواترة .
فمن جمع بين حديث أبي ثعلبة والآية حمل حديث لحوم السباع على الكراهية .
ومن رأى أن حديث أبي هريرة يتضمن زيادة على ما في الآية حرم لحوم
السباع ، ومن اعتقد أن الضبع والثعلب محرمان فاستدلالا بعموم لفظ السباع ،
ومن خصص من ذلك العادية فمصيرا لما روى عبد الرحمن بن عمار قال : سألت جابر
بن عبد الله عن الضبع آكلها ؟ قال : نعم ، قلت : أصيد هي ؟ قال : نعم ،
قلت : فأنت سمعت ذلك من رسول الله ( ص ) ؟ قال : نعم .
وهذا الحديث وإن كان انفرد به عبد الرحمن فهو ثقة عند جماعة أئمة
الحديث ، ولما ثبت من إقراره عليه الصلاة والسلام على أكل الضب بين يديه .
وأماسباع الطير ، فالجمهور على أنها حلال لمكان الآية المتكررة ،
وحرمها قوم لما جاء في حديث ابن عباس أنه قال : نهى رسول الله ( ص ) عن أكل
كل ذي ناب من السباع وكل مخلب من الطير إلا أن هذا الحديث لم يخرجه
الشيخان ، وإنما ذكره أبو داود .
وأما المسألة الثانية : وهي اختلافهم في ذوات الحافر الانسي : أعني
الخيل والبغال والحمير ، فإن جمهور العلماء على تحريم لحوم الحمر الانسية ،
إلا ما روي عن ابن عباس وعائشة أنهما كانا يبيحانها ، وعمالك أنه كان
يكرهها ، رواية ثانية مثل قول الجمهور ، وكذلك الجمهور على تحريم البغال ،
وقوم كرهوها ولم يحرموها ، وهو مروي عن مالك
نام کتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد نویسنده : ابن رشد جلد : 1 صفحه : 378