نام کتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد نویسنده : ابن رشد جلد : 1 صفحه : 363
الاسلام ، فإذا قيل على هذا إن التسمية من شرط التذكية وجب أن لا تؤكل ذبائحهم بالشك في ذلك .
وأما إذا علم أنهم ذبحوا ذلك لاعيادهم وكنائسهم فإن من العلماء من
كرهه ، وهو قول مالك ، ومنهم من أباحه ، وهو قول أشهب ، ومنهم من حرمه ،
وهو الشافعي .
وسبب اختلافهم : تعارض عمومي الكتاب في هذا الباب ، وذلك أن قوله تعالى :
﴿ وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم ﴾
يحتمل أن يكون مخصصا لقوله تعالى :
﴿ وما أهل لغير الله به ﴾
ويحتمل أن يكون قوله تعالى :
﴿ وما أهل لغير الله به ﴾
مخصصا لقوله تعالى :
﴿ وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم ﴾
إذ كان كل واحد منهما يصح أن يستثنى من الآخر ، فمن جعل قوله تعالى :
﴿ وما أهل لغير الله به ﴾
مخصصا لقوله تعالى :
﴿ وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم ﴾
قال : لا يجوز ما أهل به للكنائس والاعياد ، ومن عكس الامر قال : يجو .
وأما إذا كانت الذبيحة مما حرمت عليهم ، فقيل يجوز ، وقيل لا يجوز ،
وقيل بالفرق بين أن تكون محرمة عليهم بالتوراة أو من قبل أنفسهم ، أعني
بإباحة ما ذبحوا مما حرموا على أنفسهم ومنع ما حرم الله عليهم ، وقيل يكره
ولا يمنع .
والاقاويل الاربعة موجودة في المذهب : المنع عن ابن القاسم ، والاباحة عن ابن وهب وابن عبد الحكم ، والتفرقة عن أشهب .
وأصل الاختلاف : معارضة عموم الآية لاشتراط نية الذكاة : أعني
اعتقاد تحليل الذبيحة بالتذكية ، فمن قال ذلك شرط في التذكية قال : لا تجوز
هذه الذبائح لانهم لا يعتقدون تحليلها بالتذكية ، ومن قال ليس بشرط فيها
وتمسك بعموم الآية المحللة قال : تجوز هذه الذبائح .
وهذا بعينه هو سبب اختلافهم في أكل الشحوم من ذبائحهم ، ولم يخالف
في ذلك أحد غير مالك وأصحابه ، فمنهم من قال : إن الشحوم محرمة وهو قول
أشهب ، ومنهم من قال مكروهة ، والقولان عن مالك ، ومنهم من قال مباحة .
ويدخل في الشحوم سبب آخر من أسباب الخلاف سوى معارضة العموم لاشتراط
اعتقاد تحليل الذبيحة بالذكاة ، وهو هل تتبعض التذكية أو تتبعض ؟ فمن قال
تتبعض قال : لا تؤكل الشحوم ، ومن قال لا تتبعض قال : يؤكل الشحم .
ويدل على تحليل شحوم ذبائحهم حديث عبد الله بن مغفل إذ أصاب جراب الشحم يوم خيبر ، وقد تقدم في كتاب الجهاد .
ومن فرق بين ما حرم عليهم من ذلك في أصل شرعهم وبين ماحرموا على
أنفسهم قال : ما حرم عليهم هو أمر حق فلا تعمل فيه الذكاة ، وما حرموا على
أنفسهم هو أمر باطل فتعمل فيه التذكية .
قال القاضي : والحق أن ما حرم عليهم أو حرموا على أنفسهم هو في وقت شريعة الاسلام أمر باطل إذ كانت ناسخة لجميع الشر
نام کتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد نویسنده : ابن رشد جلد : 1 صفحه : 363