نام کتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد نویسنده : ابن رشد جلد : 1 صفحه : 33
فلا وضوء عليه إلا أن يطول ذلك به واختلف القول في مذهبه في الراكع فمرة قال حكمه حكم القائم ، ومرة قال حكمه حكم الساجد .
وأما الشافعي فقال : على كل نائم كيفما نام الوضوء إلا على من نام جالسا وقال أبو حنيفة وأصحابه : لا وضوء إلا على من نام مضطجعا .
وأصل اختلافهم في هذه المسألة : اختلاف الاثار الواردة في ذلك ،
وذلك أن هاهنا أحاديث يوجب ظاهرها أنه ليس في النوم وضوء أصلا ، كحديث ابن
عباس : أن النبي ( ص ) دخل على ميمونة ، فنام عندها حتى سمعنا غطيطه ، ثم
صلى ، ولم يتوضأ وقوله عليه الصلاة والسلام : إذا نعس أحدكم في الصلاة ،
فليرقد حتى يذهب عنه النوم ، فإنه لعله يذهب أن يستغفر ربه ، فيسب نفسه وما
روي أيضا : أن أصحاب النبي ( ص ) كانوا ينامون في المسجد حتى تخفق رؤوسهم ،
ثم يصلون ولا يتوضأون وكلها آثار ثابتة ، وها هنا أيضا أحاديث يوجب ظاهرها
أن النوم حدث ، وأبينها في ذلك حديث صفوان بن عسال ، وذلك أنه قال : كنا
في سفر مع النبي ( ص ) فأمرنا أن لا ننزع خفافنا من غائط ، وبول ، ونوم ،
ولا ننزعها إلا من جنابة فسوى بين البول ، والغائط والنوم ، صححه الترمذي .
ومنها حديث أبي هريرة المتقدم وهو قوله عليه الصلاة والسلام : إذا
استيقظ أحدكم من نومه ، فليغسل يده قبل أن يدخلها في وضوئه فإن ظاهره أن
النوم يوجب الوضوء قليله وكثيره ، وكذلكيدل ظاهر آية الوضوء عند من كان
عنده المعنى في قوله تعالى :
﴿ يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة ﴾
أي إذا قمتم من النوم على ما روي عن زيد بن أسلم ، وغيره من السلف ،
فلما تعارضت ظواهر هذه الاثار ، ذهب العلماء فيها مذهبين : مذهب الترجيح ،
ومذهب الجمع .
فمن ذهب مذهب الترجيح ، إما أسقط وجوب الوضوء من النوم أصلا على
ظاهر الاحاديث التي تسقطه ، وإما أوجبه من قليله وكثيره على ظاهر الاحاديث
التي تسقطه أيضا ، أعني على حسب ما ترجح عنده من الاحاديث الموجبة ، أو من
الاحاديث المسقطة .
ومن ذهب مذهب الجمع حمل الاحاديث الموجبة للوضوء منه على الكثير ،
والمسقطة للوضوء على القليل ، وهو كما قلنا مذهب الجمهور ، والجمع أولى من
الترجيح ما أمكن الجمع عند أكثر الاصوليين .
وأما الشافعي ، فإنما حملها على أن المستثنى من هيئات النائم الجلوس
فقط ، لانه قد صح ذلك عن الصحابة ، أعني أنهم كانوا ينامون جلوسا ، ولا
يتوضأون ويصلون ، وإنما أوجبه أبو حنيفة في النوم في الاضطجاع فقط لان ذلك ،
ورد في حديث مرفوع ، وهو أنه عليه الصلاة والسلام قال : إنما الوضوء على
من نام مضطجعا والرواية بذلك ثابتة عن عمر .
وأما مالك فلما كان النوم عنده إنما ينقض الوضوء من حيث كان غالبا سببا للحدث ، راعى فيه ثلاثة أشياء : الاستثقال ، أو الطول أو
نام کتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد نویسنده : ابن رشد جلد : 1 صفحه : 33