نام کتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد نویسنده : ابن رشد جلد : 1 صفحه : 28
الكلب في المشهور عنه ، وذلك كما قلنا لمعارضة ذلك القياس له ،
ولانه ظن أيضا أنه إن فهم منه أن الكلب نجس العين عارضه ظاهر الكتاب وهو
قوله تعالى :
﴿ فكلوا مما أمسكن عليكم ﴾
يريد أنه لو كان نجس العين لنجس الصيد بمماسته ، وأيد هذا التأويل
بما جاء في غسله من العدد والنجاسات ليس يشترط في غسلها العدد ، فقال ، إن
هذا الغسل إنما هو عبادة ، ولم يعرج على سائر تلك الاثار لضعفها عنده .
وأما الشافعي فاستثنى الكلب من الحيوان الحي ورأى أن ظاهر هذا
الحديث يوجب نجاسة سؤره ، وأن لعابه هو النجس لا عينه فيما أحسب ، وأنه يجب
أن يغسل الصيد منه وكذلك استثنى الخنزير لمكان الاية المذكورة وأما أبو
حنيفة فإنه زعم أن المفهوم من تلك الاثار الواردة بنجاسة سؤر السباع ،
والهر ، والكلب هو من قبل تحريم لحومها ، وأن هذا من باب الخاص أريد به
العام ، فقال : الاسآر تابعة للحوم الحيوان وأما بعض الناس فاستثنى من ذلك
الكلب والهر والسباع على ظاهر الاحاديث الواردة في ذلك .
وأما بعضهم فحكم بطهارة سؤر الكلب والهر ، فاستثنى من ذلك السباع
فقط ، وأما سؤر الكلب فللعدد المشترط في غسله ، ولمعارضة ظاهر الكتاب له ،
ولمعارضة حديث أبي قتادة له ، إذ علل عدم نجاسة الهرة من قبل أنها من
الطوافين والكلب طواف .
وأما الهرة فمصيرا إلى ترجيح حديث أبي قتادة على حديث قرة عن ابن
سيرين وترجيح حديث ابن عمر على حديث عمر ، وما ورد في معناه لمعارضة حديث
أبي قتادة له بدليل الخطاب ، وذلك أنه لما علل عدم النجاسة في الهرة بسبب
الطواف ، فهم منه أن ما ليس بطواف ، وهي السباع ، فأسآرها محرمة ، وممن ذهب
هذا المذهب ابن القاسم .
وأما أبو حنيفة فقال كما قلنا بنجاسة سؤر الكلب ، ولم ير العدد في
غسله شرطا في طهارة الاناء الذي ولغ فيه لانه عارض ذلك عنده القياس في غسل
النجاسات ، أعني أن المعتبر فيها إنما هو إزالة العين فقط ، وهذا على عادته
في رد أخبار الاحاد لمكان معارضة الاصول لها .
قال القاضي : فاستعمل من هذا الحديث بعضا - ولم يستعمل بعضا ، أعني
أنه استعمل منه ما لم تعارضه عنده الاصول ، ولم يستعمل ما عارضته منه
الاصول وعضد ذلك بأنه مذهب أبي هريرة الذي روى الحديث .
فهذه هي الاشياء التي حركت الفقهاء إلى هذا الاختلاف الكثير في هذه المسألة ، وقادتهم إلى الافتراق فيها .
والمسألة اجتهادية محضة يعسر أن يوجد فيها ترجيح ، ولعل الارجح أن
يستثنى من طهارة آسار الحيوان الكلب ، والخنزير والمشرك لصحة الاثار
الواردة في الكلب ، ولان ظاهر الكتاب أولى أن يتبع في القول بنجاسة عين
الخنزير ، والمشرك من القياس ، وكذلك ظاهر الحديث ، وعليه أكثر الفقهاء
أعني على القول بنجاسة سؤر الكلب ، فإن الامر بإراقة م
نام کتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد نویسنده : ابن رشد جلد : 1 صفحه : 28