نام کتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد نویسنده : ابن رشد جلد : 1 صفحه : 267
سبحانه :
﴿ فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي ﴾
هو أن يهل الرجل بالعمرة في أشهر الحج من الميقات ، وذلك إذا كان
مسكنه خارجا عن الحرم ، ثم يأتي حتى يصل البيت ، فيطوف لعمرته ويسعى ،
ويحلق في تلك الاشهر بعينها ، ثم يحل بمكة ، ثم ينشئ الحج في ذلك العام
بعينه ، وفي تلك الاشهر بعينها من غير أن ينصرف إلى بلده ، إلا ما روي عن
الحسن أنه كان يقول : هو متمتع ، وإن عاد إلى بلده ، ولم يحج : أي عليه هدي
المتمتع المنصوص عليه في قوله تعالى :
﴿ فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي ﴾
لانه كان يقول : عمرة في أشهر الحج متعة .
وقال طاووس : من اعتمر في غير أشهر الحج ، أقام حتى الحج ، وحج من عامه أنه متمتع .
واتفق العلماء على أن من لم يكن من حاضري المسجد الحرام ، فهو متمتع .
واختلفوا في المكي هل يقع منه التمتع ، أم لا يقع ؟ والذين قالوا : إنه يقع منه اتفقوا على أنه ليس عليه دم لقوله تعالى :
( ذلك لمن لم يكن أهله خاضري المسجد الحرام )
واختلفوا فيمن هو حاضر المسجد الحرام ممن ليس هو ، فقال مالك : حاضر والمسجد الحرام هم أهل مكة .
وذي طوى ، وما كان مثل ذلك من مكة وقال أبو حنيفة : هم أهل المواقيت
فمن دونهم إلى مكة وقال الشافعي بمصر : من كان بينه ، وبين مكة ليلتان ،
وهو أكمل المواقيت .
وقال أهل الظاهر : منكان ساكن الحرم وقال الثوري : هم أهل مكة فقط .
وأبو حنيفة يقول : إن حاضري المسجد الحرام لا يقع منهم التمتع وكره ذلك مالك .
وسبب الاختلاف : اختلاف ما يدل عليه إسم حاضري المسجد الحرام بالاقل
والاكثر ، ولذلك لا يشك أن أهل مكة ، هم من حاضري المسجد الحرام كما لا
يشك أن من خارج المواقيت ليس منهم ، فهذا هو نوع التمتع المشهور ، ومعنى
التمتع أنه تمتع بتحلله بين النسكين ، وسقوط السفر عنه مرة ثانية إلى النسك
الثاني الذي هو الحج ، وهنا نوعان من التمتع اختلف العلماء فيهما : أحدهما
: فسخ الحج في عمرة ، وهو تحويل النية من الاحرام بالحج إلى العمرة ،
فجمهور العلماء يكرهون ذلك في الصدر الاول ، وفقهاء الامصار ، وذهب ابن
عباس إلى جواز ذلك وبه قال أحمد ، وداود .
وكلهم متفقون أن رسول الله ( ص ) أمر أصحابه عام حج بفسخ الحج في
العمرة ، وهو قوله عليه الصلاة والسلام لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما
سقت الهدي ، ولجعلتها عمرة وأمره لمن لم يسق الهدي من أصحابه أن يفسخ
إهلاله في العمرة ، وبهذا تمسك أهل الظاهر .
والجمهور رأوا ذلك من باب الخصوص لاصحاب رسول الله ( ص ) واحتجوا
بما روي عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن الحارث بن بلال بن الحارث المدني عن
أبيه قال قلت يا رسول الله أفسخ لنا خاصة ، أم لمن بعدنا ؟ قال
نام کتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد نویسنده : ابن رشد جلد : 1 صفحه : 267